[ ص: 414 ] (
فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون ( 19 )
وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ( 20 ) )
قوله تعالى : (
فأنشأنا لكم به ) أي : بالماء ، (
جنات من نخيل وأعناب لكم فيها ) في الجنات ، (
فواكه كثيرة ومنها تأكلون ) شتاء وصيفا ، وخص النخيل والأعناب بالذكر لأنها أكثر فواكه
العرب . ( وشجرة ) أي : وأنشأنا لكم شجرة (
تخرج من طور سيناء ) وهي الزيتون ، قرأ أهل
الحجاز وأبو عمرو " سيناء " بكسر السين . وقرأ الآخرون بفتحها واختلفوا في معناه وفي " سينين " في قوله تعالى : " وطور سينين " ( التين - 2 ) قال
مجاهد : معناه البركة ، أي : من جبل مبارك . وقال
قتادة : معناه الحسن ، أي : من الجبل الحسن . وقال
الضحاك : هو بالنبطية ، ومعناه الحسن . وقال
عكرمة : هو بالحبشية . وقال
الكلبي : معناه الشجر ، أي : جبل ذو شجر . وقيل : هو بالسريانية الملتفة بالأشجار . وقال
مقاتل : كل جبل فيه أشجار مثمرة فهو سينا ، وسينين بلغة النبط . وقيل : هو فيعال من السناء وهو الارتفاع . قال
ابن زيد : هو الجبل الذي نودي منه
موسى بين
مصر وأيلة . وقال
مجاهد : سينا اسم حجارة بعينها أضيف الجبل إليها لوجودها عنده . وقال
عكرمة : هو اسم المكان الذي فيه هذا الجبل .
(
تنبت بالدهن ) قرأ
ابن كثير وأهل
البصرة ويعقوب " تنبت " بضم التاء وكسر الباء ، وقرأ الآخرون بفتح التاء وضم الباء ، فمن قرأ بفتح التاء فمعناه تنبت تثمر الدهن وهو الزيتون . وقيل : تنبت ومعها الدهن ، ومن قرأ بضم التاء ، اختلفوا فيه فمنهم من قال : الباء زائدة ، معناه : تنبت الدهن ، كما يقال : أخذت ثوبه وأخذت بثوبه ، ومنهم من قال : نبت وأنبت لغتان بمعنى واحد ، كما قال زهير :
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
أي : نبت ، (
وصبغ للآكلين ) الصبغ والصباغ : الإدام الذي يلون الخبز إذا غمس فيه وينصبغ ، والإدام كل ما يؤكل مع الخبز ، سواء ينصبغ به الخبز أو لا ينصبغ . قال
مقاتل : جعل
[ ص: 415 ] الله في هذه الشجرة أدما ودهنا ، فالأدم : الزيتون ، والدهن : الزيت ، وقال : خص الطور بالزيتون لأن أول الزيتون نبت بها . ويقال : أن الزيتون أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان .