[ ص: 420 ] (
يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ( 51 )
وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ( 52 )
فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ( 53 )
فذرهم في غمرتهم حتى حين ( 54 )
أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( 55 ) )
قوله عز وجل : (
يا أيها الرسل ) قال
الحسن ومجاهد وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي والكلبي وجماعة : أراد به
محمدا صلى الله عليه وسلم وحده على مذهب
العرب في مخاطبة الواحد بلفظ الجماعة . وقال بعضهم : أراد به
عيسى . وقيل : أراد به جميع الرسل عليهم السلام ، (
كلوا من الطيبات ) أي : الحلالات ، (
واعملوا صالحا )
الصلاح هو الاستقامة على ما توجبه الشريعة ، (
إني بما تعملون عليم ) ( وإن هذه ) قرأ أهل
الكوفة : " وإن " بكسر الألف على الابتداء ، وقرأ الباقون بفتح الألف ، وخفف
ابن عامر النون وجعل " إن " صلة ، مجازه : وهذه ( أمتكم ) وقرأ الباقون بتشديد النون على معنى وبأن هذا ، تقديره : بأن هذه أمتكم ، أي : ملتكم وشريعتكم التي أنتم عليها ، (
أمة واحدة ) أي : ملة واحدة وهي الإسلام ، (
وأنا ربكم فاتقون ) أي : اتقوني لهذا .
وقيل : معناه أمرتكم بما أمرت به المرسلين من قبلكم ، فأمركم واحد ، (
وأنا ربكم فاتقون ) فاحذرون . وقيل : هو نصب بإضمار فعل ، أي : اعلموا أن هذه أمتكم ، أي : ملتكم ، أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون . (
فتقطعوا أمرهم ) دينهم ، ( بينهم ) أي : تفرقوا فصاروا فرقا ، يهودا ونصارى ومجوسا ، ( زبرا ) أي : فرقا وقطعا مختلفة ، واحدها زبور وهو الفرقة والطائفة ، ومثله الزبرة وجمعها زبر ، ومنه : " زبر الحديد " ( الكهف - 96 ) . أي : صاروا فرقا كزبر الحديد . وقرأ بعض أهل
الشام " زبرا " بفتح الباء ، قال
قتادة ومجاهد " زبرا " أي : كتبا ، يعني دان كل فريق بكتاب غير الكتاب الذي دان به الآخرون . وقيل : جعلوا كتبهم قطعا مختلفة ، آمنوا بالبعض ، وكفروا بالبعض ، وحرفوا البعض ، (
كل حزب بما لديهم ) بما عندهم من الدين ، ( فرحون ) معجبون ومسرورون . (
فذرهم في غمرتهم ) قال
ابن عباس : في كفرهم وضلالتهم ، وقيل : عمايتهم ، وقيل : غفلتهم (
حتى حين ) إلى أن يموتوا . (
أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ) ما نعطيهم ونجعله مددا لهم من المال والبنين في الدنيا .