(
أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين ( 19 )
يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير ( 20 ) )
(
أو كصيب ) أي كأصحاب صيب وهذا مثل آخر ضربه الله تعالى للمنافقين بمعنى آخر إن شئت مثلهم بالمستوقد وإن شئت بأهل الصيب وقيل أو بمعنى الواو يريد وكصيب كقوله تعالى : "
أو يزيدون " بمعنى ويزيدون والصيب المطر وكل ما نزل من الأعلى إلى الأسفل فهو صيب فعيل من صاب يصوب أي نزل من السماء أي من السحاب قيل هي السماء بعينها والسماء كل ما علاك فأظلك وهي من أسماء الأجناس يكون واحدا وجمعا ( فيه ) أي في الصيب وقيل في السماء أي من السحاب ولذلك ذكره وقيل السماء يذكر ويؤنث قال الله تعالى السماء منفطر به " 18 - المزمل ) وقال إذا السماء انفطرت ( 1 - الانفطار ) ( ظلمات ) جمع ظلمة ( ورعد ) الصوت الذي يسمع من السحاب ( وبرق ) النار التي تخرج منه
قال
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وأكثر المفسرين رضي الله عنهم : الرعد اسم ملك يسوق السحاب والبرق لمعان سوط من نور يزجر به الملك السحاب . وقيل الصوت زجر السحاب وقيل تسبيح الملك . وقيل الرعد نطق الملك والبرق ضحكه . وقال
مجاهد الرعد اسم الملك ويقال لصوته أيضا رعد والبرق
[ ص: 70 ] مصع ملك يسوق السحاب وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب : الرعد ملك يزجي السحاب فإذا تبددت ضمها فإذا اشتد غضبه طارت من فيه النار فهي الصواعق وقيل الرعد صوت انحراف الريح بين السحاب والأول أصح
(
يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق ) جمع صاعقة وهي الصيحة التي يموت من يسمعها أو يغشى عليه . ويقال لكل عذاب مهلك صاعقة وقيل الصاعقة قطعة عذاب ينزلها الله تعالى على من يشاء .
روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=891418أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك " .
قوله ( حذر الموت ) أي مخافة الهلاك (
والله محيط بالكافرين ) أي عالم بهم وقيل جامعهم . وقال
مجاهد : يجمعهم فيعذبهم . وقيل مهلكهم دليله قوله تعالى "
إلا أن يحاط بكم " ( 66 - يوسف ) أي تهلكوا جميعا . ويميل
أبو عمرو nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي الكافرين في محل النصب والخفض ولا يميلان :
أول كافر به " ( 41 - البقرة ) .
(
يكاد البرق ) أي يقرب يقال كاد يفعل إذا قرب ولم يفعل (
يخطف أبصارهم ) يختلسها والخطف استلاب بسرعة ( كلما ) حرف جملة ضم إلى ما الجزاء فصار أداة للتكرار ومعناهما متى ما (
أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ) أي وقفوا متحيرين فالله تعالى شبههم في كفرهم ونفاقهم بقوم كانوا في مفازة في ليلة مظلمة أصابهم مطر فيه ظلمات من صفتها أن الساري ( لا يمكنه ) المشي فيها ورعد من صفته أن يضم السامعون أصابعهم إلى آذانهم من هوله وبرق من صفته أن يقرب من أن يخطف أبصارهم ويعميها من شدة توقده فهذا مثل ضربه الله للقرآن وصنيع الكافرين والمنافقين معه فالمطر القرآن لأنه حياة الجنان كما أن المطر حياة الأبدان والظلمات ما في القرآن من ذكر الكفر والشرك والرعد ما خوفوا به من الوعيد وذكر النار والبرق ما فيه من الهدى والبيان والوعد وذكر الجنة .
[ ص: 71 ]
والكافرون يسدون آذانهم عند قراءة القرآن مخافة ميل القلب إليه لأن الإيمان عندهم كفر والكفر موت (
يكاد البرق يخطف أبصارهم ) أي القرآن يبهر قلوبهم . وقيل هذا مثل ضربه الله للإسلام فالمطر الإسلام والظلمات ما فيه من البلاء والمحن والرعد ما فيه من الوعيد والمخاوف في الآخرة والبرق ما فيه من الوعد والوعيد (
يجعلون أصابعهم في آذانهم ) يعني أن المنافقين إذا رأوا في الإسلام بلاء وشدة هربوا حذرا من الهلاك (
والله محيط بالكافرين ) جامعهم يعني لا ينفعهم هربهم لأن الله تعالى من ورائهم يجمعهم فيعذبهم . يكاد البرق يعني دلائل الإسلام تزعجهم إلى النظر لولا ما سبق لهم من الشقاوة
(
كلما أضاء لهم مشوا فيه ) يعني أن المنافقين إذا أظهروا كلمة الإيمان آمنوا فإذا ماتوا عادوا إلى الظلمة . وقيل معناه كلما نالوا غنيمة وراحة في الإسلام ثبتوا وقالوا إنا معكم (
وإذا أظلم عليهم ) يعني رأوا شدة وبلاء تأخروا وقاموا أي وقفوا كما قال الله تعالى "
ومن الناس من يعبد الله على حرف " ( 11 - الحج (
ولو شاء الله لذهب بسمعهم ) أي بأسماعهم ( وأبصارهم ) الظاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة وقيل لذهب بما استفادوا من العز والأمان الذي لهم بمنزلة السمع والبصر . (
إن الله على كل شيء قدير ) قادر . قرأ
ابن عامر وحمزة شاء وجاء حيث كان بالإمالة