[ ص: 422 ] (
أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ( 61 )
ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون ( 62 )
بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( 63 )
حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون ( 64 ) )
قوله عز وجل : (
أولئك يسارعون في الخيرات ) يبادرون إلى الأعمال الصالحات ، (
وهم لها سابقون ) أي : إليها سابقون ، كقوله تعالى : " لما نهوا " أي : إلى ما نهوا ، ولما قالوا ونحوها ، وقال
ابن عباس في معنى هذه الآية : سبقت لهم من الله السعادة . وقال
الكلبي : سبقوا الأمم إلى الخيرات . قوله : (
ولا نكلف نفسا إلا وسعها ) أي : طاقتها ، فمن لم يستطع القيام فليصل قاعدا ، ومن لم يستطع الصوم فليفطر ، (
ولدينا كتاب ينطق بالحق ) وهو اللوح المحفوظ ، " ينطق بالحق " يبين بالصدق ، ومعنى الآية : لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلا ما أطاقت من العمل ، وقد أثبتنا عمله في اللوح المحفوظ ، فهو ينطق به ويبينه . وقيل : هو كتب أعمال العباد التي تكتبها الحفظة ، (
وهم لا يظلمون ) ولا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم . ثم ذكر الكفار ، فقال : (
بل قلوبهم في غمرة ) أي : في غفلة وجهالة ، ( من هذا ) أي : من القرآن ، (
ولهم أعمال من دون ذلك ) أي : للكفار أعمال خبيثة من المعاصي والخطايا محكومة عليهم من دون ذلك ، يعني من دون أعمال المؤمنين التي ذكرها الله تعالى في قوله " إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون " ، (
هم لها عاملون ) لا بد لهم من أن يعملوها ، فيدخلوا بها النار ، لما سبق لهم من الشقاوة . هذا قول أكثر المفسرين . وقال
قتادة : هذا ينصرف إلى المسلمين ، وأن لهم أعمالا سوى ما عملوا من الخيرات هم لها عاملون ، والأول أظهر . (
حتى إذا أخذنا مترفيهم ) أي : أخذنا أغنياءهم ورؤساءهم ، ( بالعذاب ) قال
ابن عباس : هو السيف يوم بدر . وقال
الضحاك : يعني الجوع حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815166 " اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف " فابتلاهم الله عز وجل بالقحط حتى أكلوا الكلاب والجيف . (
إذا هم يجأرون ) يضجون ويجزعون ويستغيثون ، وأصل الجأر : رفع الصوت بالتضرع .