[ ص: 7 ] سورة النور
مدنية بسم الله الرحمن الرحيم (
سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون ( 1 )
الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ( 2 ) )
( سورة ) أي : هذه سورة ، (
أنزلناها وفرضناها ) قرأ
ابن كثير ، وأبو عمرو : " وفرضناها " بتشديد الراء ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، أي : أوجبنا ما فيها من الأحكام وألزمناكم العمل بها . وقيل : معناه قدرنا ما فيها من الحدود . والفرض : التقدير . قال الله - عز وجل - : "
فنصف ما فرضتم ( البقرة - 237 ) أي : قدرتم ، ودليل التخفيف قوله - عز وجل - : "
إن الذي فرض عليك القرآن " ( القصص - 85 ) وأما التشديد فمعناه : وفصلناه وبيناه . وقيل : هو بمعنى الفرض الذي هو بمعنى الإيجاب أيضا . والتشديد للتكثير لكثرة ما فيها من الفرائض ، أي : أوجبناها عليكم وعلى من بعدكم إلى قيام الساعة . (
وأنزلنا فيها آيات بينات ) واضحات ، (
لعلكم تذكرون ) تتعظون . قوله - عز وجل - : (
الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) أراد إذا كانا حرين بالغين عاقلين بكرين غير محصنين " فاجلدوا " : فاضربوا كل واحد منهما مائة جلدة ، يقال جلده إذا ضرب جلده ، كما يقال رأسه وبطنه ، إذا ضرب رأسه وبطنه ، وذكر بلفظ الجلد لئلا يبرح . ولا يضرب
[ ص: 8 ] بحيث يبلغ اللحم ، وقد وردت السنة أنه يجلد مائة ويغرب عاما وهو قول أكثر أهل العلم ،
وإن كان الزاني محصنا فعليه الرجم ، ذكرناه في سورة النساء .
(
ولا تأخذكم بهما رأفة ) رحمة ورقة ، وقرأ
ابن كثير " رأفة " بفتح الهمزة ولم يختلفوا في سورة الحديد أنها ساكنة لمجاورة قوله : " ورحمة " والرأفة معنى في القلب ، لا ينهى عنه ؛ لأنه لا يكون باختيار الإنسان .
روي أن
عبد الله بن عمر جلد جارية له زنت ، فقال للجلاد : اضرب ظهرها ورجليها ، فقال له ابنه : لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ، فقال يا بني إن الله - عز وجل - لم يأمرني بقتلها وقد ضربت فأوجعت .
واختلفوا في معنى الآية . فقال قوم : لا تأخذكم بهما رأفة فتعطلوا الحدود ولا تقيموها ، وهذا قول
مجاهد وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي . وقال جماعة : معناها ولا تأخذكم بهما رأفة فتخففوا الضرب ولكن أوجعوهما ضربا ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب والحسن . قال
الزهري : يجتهد في حد الزنا والفرية ويخفف في حد الشرب . وقال
قتادة :
يجتهد في حد الزنا ويخفف في الشرب والفرية .
(
في دين الله ) أي : في حكم الله ، (
إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) معناه أن المؤمن لا تأخذه الرأفة إذا جاء أمر الله تعالى .
( وليشهد ) وليحضر ( عذابهما ) حدهما إذا أقيم عليهما ( طائفة ) نفر ، (
من المؤمنين ) قال
مجاهد والنخعي : أقله رجل واحد فما فوقه ، وقال
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء : رجلان فصاعدا . وقال
الزهري وقتادة : ثلاثة فصاعدا . وقال
مالك وابن زيد : أربعة بعدد شهود الزنا .