[ ص: 11 ] (
إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ( 5 )
والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ( 6 ) )
(
إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) اختلف العلماء في قبول
شهادة القاذف بعد التوبة ، وفي حكم هذا الاستثناء . فذهب قوم إلى أن القاذف ترد شهادته بنفس القذف ، وإذا تاب وندم على ما قال وحسنت حالته قبلت شهادته ، سواء تاب بعد إقامة الحد عليه أو قبله ؛ لقوله تعالى : "
إلا الذين تابوا " . وقالوا : الاستثناء يرجع إلى الشهادة وإلى الفسق ، فبعد التوبة تقبل شهادته ، ويزول عنه اسم الفسق . يروى ذلك عن
ابن عباس وعمر . وهذا قول
سعيد بن جبير ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز 55
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وبه قال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وذهب قوم إلى أن شهادة المحدود في القذف لا تقبل أبدا وإن تاب ، وقالوا : الاستثناء يرجع إلى قوله : (
وأولئك هم الفاسقون ) وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وشريح وأصحاب الرأي ، وقالوا : بنفس القذف لا ترد شهادته ما لم يحد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وهو قبل أن يحد شر منه حين يحد ؛ لأن الحدود كفارات ، فكيف يردونها في أحسن حاليه ويقبلونها في شر حاليه . وذهب
الشعبي إلى أن حد القذف يسقط بالتوبة ، وقال : الاستثناء يرجع إلى الكل .
وعامة العلماء على أنه لا يسقط بالتوبة إلا أن يعفو عنه المقذوف فيسقط ، كالقصاص يسقط بالعفو ، ولا يسقط بالتوبة .
فإن قيل : إذا قبلتم شهادته بعد التوبة فما معنى قوله ( أبدا ) ؟ .
قيل : معناه لا تقبل شهادته أبدا ما دام مصرا على قذفه ؛ لأن أبد كل إنسان مدته على ما يليق بحاله . كما يقال : لا تقبل شهادة الكافر أبدا : يراد ما دام كافرا . قوله - عز وجل - : (
والذين يرمون أزواجهم ) أي : يقذفون نساءهم ، (
ولم يكن لهم شهداء ) يشهدون على صحة ما قالوا ، (
إلا أنفسهم ) أي : غير أنفسهم ، (
فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ) قرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وحفص : " أربع شهادات " برفع العين على خبر الابتداء ، أي : فشهادة أحدهم التي تدرأ الحد أربع شهادات . وقرأ الآخرون بالنصب أي : فشهادة أحدهم أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين .