[ ص: 12 ] (
والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ( 7 ) )
(
والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ) قرأ
نافع ويعقوب " أن " خفيفة وكذلك الثانية " لعنة الله " رفع ، ثم
يعقوب قرأ " غضب " برفع ، وقرأ
نافع " غضب " بكسر الضاد وفتح الباء على الماضي " الله " رفع . وقرأ الآخرون " أن " بالتشديد فيهما " لعنة " نصب ، " وغضب " بفتح الضاد على الاسم ، " الله " جر . وقرأ
حفص عن
عاصم " والخامسة " الثانية نصب ، أي : ويشهد الشهادة الخامسة . وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء وخبره في " أن " كالأولى .
وسبب نزول هذه الآية ما أخبرنا
أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا
زاهر بن أحمد ، أخبرنا
أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا
أبو مصعب ، عن
مالك عن
ابن شهاب nindex.php?page=hadith&LINKID=815173أن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له : يا عاصم أرأيت لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه ، أم كيف يفعل ؟ سل لي عن ذلك يا عاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فسأل عاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال له : يا عاصم ماذا قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عاصم لعويمر ، لم تأتني بخير ، قد كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسألة التي سألته عنها ، فقال عويمر ، والله لا أنتهي حتى أسأله عنها ، فجاء عويمر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسط الناس ، فقال : يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها " . فقال سهل : فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال
مالك قال
ابن شهاب : فكانت تلك
سنة المتلاعنين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل أخبرنا
إسحاق ، أخبرنا
محمد بن يوسف ، أخبرنا
الأوزاعي ، أخبرنا
الزهري بهذا الإسناد بمثل معناه . وزاد : ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815174انظروا فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الإليتين ، خدلج الساقين ، فلا أحسب عويمرا إلا قد صدق عليها ، وإن جاءت به أحيمر كأنه [ وجوه ] فلا أحسب عويمرا إلا قد كذب عليها " فجاءت به على النعت الذي نعت رسول الله [ ص: 13 ] - صلى الله عليه وسلم - من تصديق عويمر فكان بعد ينسب إلى أمه .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
محمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا
أحمد بن يوسف ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، أخبرنا
ابن أبي عدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، أخبرنا
عكرمة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=815175عن ابن عباس ، أن هلال بن أمية قذف امرأته عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشريك بن سحماء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " البينة أو حد في ظهرك " فقال : يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة ؟ فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " البينة وإلا حد في ظهرك " فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ، ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد ، فنزل جبريل وأنزل عليه : ( والذين يرمون أزواجهم ) فقرأ حتى بلغ ( إن كان من الصادقين ) فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليهما ، فجاء هلال فشهد ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب " ؟ ثم قامت فشهدت فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا إنها : موجبة . قال ابن عباس فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع ، ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم ، فمضت . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين ، سابغ الإليتين ، خدلج الساقين ، فهو لشريك بن سحماء " فجاءت به كذلك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن " .
وروى
عكرمة عن
ابن عباس : قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=815176لما نزلت : ( والذين يرمون المحصنات ) الآية . قال سعد بن عبادة : لو أتيت لكاع وقد تفخذها رجل لم يكن لي أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء ، فوالله ما كنت لآتي بأربعة شهداء حتى يفرغ من حاجته ويذهب ، وإن قلت ما رأيت إن في ظهري لثمانين جلدة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما قال سيدكم " ؟ قالوا : لا تلمه ، فإنه رجل غيور ، ما تزوج امرأة قط إلا بكرا ، ولا طلق امرأة له فاجترأ رجل منا أن يتزوجها . فقال سعد : يا رسول الله بأبي أنت وأمي والله إني لأعرف أنها من الله وأنها حق ولكن عجبت من ذلك لما أخبرتك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فإن الله يأبى إلا ذلك " فقال صدق الله ورسوله . قال : فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى جاء ابن عم له يقال له هلال بن أمية من حديقة له ، فرأى رجلا مع امرأته يزني بها ، فأمسك حتى أصبح ، فلما أصبح غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس مع أصحابه ، فقال : [ ص: 14 ] يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء فوجدت رجلا مع امرأتي ، رأيت بعيني وسمعت بأذني ، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أتاه به ، وثقل عليه حتى عرف ذلك في وجهه ، فقال هلال : والله يا رسول الله إني لأرى الكراهية في وجهك مما أتيتك به ، والله يعلم إني لصادق وما قلت إلا حقا ، وإني لأرجو أن يجعل الله لي فرجا ، فهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضربه . فقال : واجتمعت الأنصار فقالوا ابتلينا بما قال سعد ، يجلد هلال وتبطل شهادته ، وإنهم لكذلك ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يأمر بضربه ، إذ نزل عليه الوحي ، فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أن الوحي قد نزل عليه ، حتى فرغ ، فأنزل الله - عز وجل - : ( والذين يرمون أزواجهم ) إلى آخر الآيات فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أبشر يا هلال فإن الله قد جعل لك فرجا " فقال : لقد كنت أرجو ذلك من الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أرسلوا إليها ، فجاءت ، فلما اجتمعا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيل لها فكذبت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ فقال هلال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي قد صدقت وما قلت إلا حقا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاعنوا بينهما ، فقيل لهلال : اشهد ، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ، فقال له عند الخامسة : يا هلال اتق الله ، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، وإن هذه الخامسة هي الموجبة التي توجب عليك العذاب ، فقال هلال : والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فشهد الخامسة : أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . ثم قال للمرأة : اشهدي ، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، فقال لها عند الخامسة ووقفها : اتقي الله فإن الخامسة موجبة وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف ثم قالت : والله لا أفضح قومي ، فشهدت الخامسة : أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما ، وقضى بأن الولد لها ولا يدعى لأب ولا يرمى ولدها ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن جاءت به كذا وكذا فهو لزوجها وإن جاءت به كذا وكذا فهو للذي قيل فيه " ، فجاءت به غلاما كأنه جمل أورق ، على الشبه المكروه ، وكان بعد أميرا على مصر ، لا يدري من أبوه .
وقال
ابن عباس في سائر الروايات ،
ومقاتل : لما نزلت : (
والذين يرمون المحصنات ) الآية ، فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة على المنبر فقام
عاصم بن عدي الأنصاري فقال : جعلني الله فداك ، إن رأى رجل منا مع امرأته رجلا فأخبر بما رأى جلد ثمانين جلدة ، وسماه المسلمون فاسقا ، ولا تقبل شهادته أبدا ، فكيف لنا بالشهداء ونحن إذا التمسنا الشهداء كان الرجل فرغ من حاجته ومر ؟ وكان
لعاصم هذا ابن عم يقال له
عويمر ، وله امرأة يقال لها
خولة بنت قيس بن محصن ، [ ص: 15 ] فأتى
عويمر عاصما وقال : لقد رأيت
شريك بن السمحاء على بطن امرأتي
خولة ، فاسترجع
عاصم ، وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة الأخرى ، فقال : يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بالسؤال الذي سألت في الجمعة الماضية في أهل بيتي ، فأخبره وكان
عويمر وخولة وشريك كلهم بني عم
عاصم ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم جميعا ، وقال
لعويمر : " اتق الله في زوجتك وابنة عمك ولا تقذفها بالبهتان " فقال : يا رسول الله أقسم بالله إني رأيت
شريكا على بطنها وإني ما قربتها منذ أربعة أشهر ، وإنها حبلى من غيري ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة : " اتقي الله ولا تخبري إلا بما صنعت " فقالت : يا رسول الله إن
عويمرا رجل غيور ، وإنه رآني
وشريكا يطيل السمر ونتحدث ، فحملته الغيرة على ما قال ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=16101لشريك : " ما تقول " ؟ فقال : ما تقوله المرأة كذب ، فأنزل الله - عز وجل - : (
والذين يرمون أزواجهم ) الآية ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نودي الصلاة جامعة ، فصلى العصر ثم قال
لعويمر : قم ، فقام فقال : أشهد بالله بأن
خولة لزانية وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الثانية أشهد أني رأيت شريكا على بطنها ، وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الثالثة أشهد بالله إنها حبلى من غيري وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الرابعة أشهد بالله إني ما قربتها منذ أربعة أشهر وإني لمن الصادقين ، ثم قال في الخامسة : لعنة الله على عويمر - يعني نفسه - إن كان من الكاذبين فيما قال ، ثم أمره بالقعود ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10683لخولة : قومي فقامت ، فقالت : أشهد بالله ما أنا بزانية وإن عويمرا لمن الكاذبين ، ثم قالت في الثانية أشهد بالله أنه ما رأى شريكا على بطني وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الثالثة أشهد بالله إني حبلى منه وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الرابعة أشهد بالله إنه ما رآني قط على فاحشة وإنه لمن الكاذبين ، ثم قالت في الخامسة غضب الله على
خولة - تعني نفسها - إن كان من الصادقين . ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما ، وقال لولا هذه الأيمان لكان لي في أمرهما رأي ، ثم قال : " تحينوا بها الولادة فإن جاءت به [ أصيهب ] [ أثيبج ] يضرب إلى السواد فهو لشريك ، وإن جاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين فهو لغير الذي رميت به " . قال
ابن عباس فجاءت بأشبه خلق الله بشريك .
والكلام في حكم الآية : أن
الرجل إذا قذف امرأته فموجبه موجب قذف الأجنبي في وجوب الحد عليه إن كانت محصنة ، أو التعزير إن لم تكن محصنة ، غير أن المخرج منهما مختلف; فإذا قذف
[ ص: 16 ] أجنبيا يقام الحد عليه ، إلا أن يقيم أربعة من الشهود على زناه ، أو يقر به المقذوف فيسقط عنه حد القذف ، وفي الزوجة إذا وجد أحد هذين أو لاعن يسقط عنه الحد ،
فاللعان في قذف الزوجة بمنزلة البينة ، لأن الرجل إذا رأى مع امرأته رجلا ربما لا يمكنه إقامة البينة عليه ولا يمكنه الصبر على العار ، فجعل الله اللعان حجة له على صدقه ، فقال تعالى : " فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين " ،
وإذا أقام الزوج البينة على زناها أو اعترفت بالزنا سقط عنه الحد واللعان ، إلا أن يكون هناك ولد يريد نفيه فله أن يلاعن لنفيه .
وإذا أراد الإمام أن يلاعن بينهما يبدأ فيقيم الرجل ويلقنه
كلمات اللعان ، فيقول : قل أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به فلانة بالزنا ، وإن كان قد رماها برجل بعينه سماه بعينه باللعان ، وإن رماها بجماعة سماهم ، ويقول الزوج كما يلقنه الإمام ، وإن كان ولد أو حمل يريد نفيه يقول : وإن هذا الولد أو الحمل لمن الزنا ما هو مني ، ويقول في الخامسة : علي لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة ، وإذا أتى بكلمة منها من غير تلقين الحاكم لا تكون محسوبة ،
فإذا فرغ الرجل من اللعان وقعت الفرقة بينه وبين زوجته وحرمت عليه على التأبيد ، وانتفى عنه النسب وسقط عنه حد القذف ، ووجب على المرأة حد الزنا ، إن كانت محصنة ترجم ، وإن كانت غير محصنة تجلد وتغرب ، فهذه خمسة أحكام تتعلق كلها بلعان الزوج .