(
ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ( 8 )
والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ( 9 ) )
قوله - عز وجل - : ( ويدرأ ) يدفع ، (
عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) وأراد بالعذاب الحد ، كما قال في أول السورة : "
وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " أي : حدهما ، ومعنى الآية : أن
الزوج إذا لاعن وجب على المرأة حد الزنا ، وإذا وجب عليها حد الزنا بلعانه فأرادت إسقاطه عن نفسها فإنها تلاعن ، فتقوم وتشهد بعد تلقين الحاكم أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به ، وتقول في الخامسة علي غضب الله إن كان زوجي من الصادقين فيما رماني به .
ولا يتعلق بلعانها إلا حكم واحد وهو سقوط الحد عنها ،
ولو أقام الزوج بينة على زناها فلا يسقط الحد عنها باللعان . وعند أصحاب الرأي : لا حد على من قذف زوجته ، بل موجبه اللعان ، فإن لم يلاعن يحبس حتى يلاعن ، فإذا
لاعن الزوج وامتنعت المرأة عن اللعان حبست حتى تلاعن .
[ ص: 17 ]
وعند الآخرين اللعان حجة على صدقه ،
والقاذف إذا قعد عن إقامة الحجة على صدقه لا يحبس بل يحد كقاذف الأجنبي إذا قعد عن إقامة البينة .
وعند
أبي حنيفة موجب اللعان وقوع الفرقة ونفي النسب ، وهما لا يحصلان إلا بلعان الزوجين جميعا ، وقضاء القاضي .
وفرقة اللعان فرقة فسخ عند كثير من أهل العلم وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وتلك الفرقة متأبدة حتى لو كذب الزوج نفسه يقبل ذلك فيما عليه دون ما له ، فيلزمه الحد ويلحقه الولد ولكن لا يرتفع تأبيد التحريم .
وعند
أبي حنيفة فرقة اللعان فرقة طلاق فإذا
كذب الزوج نفسه جاز له أن ينكحها . وإذا أتى ببعض كلمات اللعان لا يتعلق به الحكم . وعند
أبي حنيفة إذا أتى بأكثر كلمات اللعان قام مقام الكل في تعلق الحكم به .
وكل
من صح يمينه صح لعانه حرا أو عبدا ، مسلما أو ذميا ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار والحسن ، وبه قال
ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأكثر أهل العلم . وقال
الزهري nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وأصحاب الرأي : لا يجري اللعان إلا بين مسلمين حرين غير محدودين ، فإن كان الزوجان أو أحدهما رقيقا أو ذميا أو محدودا في قذف فلا لعان بينهما .
وظاهر القرآن حجة لمن قال يجري اللعان بينهما ، لأن الله تعالى قال : (
والذين يرمون أزواجهم ) ولم يفصل بين الحر والعبد والمحدود وغيره كما قال : "
الذين يظاهرون منكم من نسائهم " ( المجادلة - 2 ) ، ثم يستوي الحر والعبد هنا في الظهار ،
ولا يصح اللعان إلا عند الحاكم أو خليفته .
ويغلظ اللعان بأربعة أشياء : بعدد الألفاظ ، والمكان ، والزمان ، وأن يكون بمحضر جماعة من الناس . أما الألفاظ المستحقة فلا يجوز الإخلال بها ، وأما المكان فهو أن يلاعن في أشرف الأماكن ، إن كان
بمكة فبين الركن والمقام ، وإن كان
بالمدينة فعند المنبر ، وفي سائر البلاد ففي المسجد الجامع عند المنبر ، والزمان هو أن يكون بعد صلاة العصر ، وأما الجمع فأقلهم أربعة ، والتغليظ بالجمع مستحب ، حتى لو لاعن الحاكم بينهما وحده [ جاز ] ، وهل التغليظ بالمكان والزمان واجب أو مستحب فيه قولان .