[ ص: 56 ] (
وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون ( 48 )
وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ( 49 )
أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون ( 50 )
إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ( 51 )
ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ( 52 )
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون ( 53 ) )
وقال : (
وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ) الرسول بحكم الله ، (
إذا فريق منهم معرضون ) أي عن الحكم . وقيل : عن الإجابة . (
وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ) مطيعين منقادين لحكمه ، أي : إذا كان الحق لهم على غيرهم أسرعوا إلى حكمه لثقتهم بأنه كما يحكم عليهم بالحق يحكم لهم أيضا بالحق . (
أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا ) أي : شكوا ، هذا استفهام ذم وتوبيخ ، أي : هم كذلك ، (
أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله ) أي : بظلم ، (
بل أولئك هم الظالمون ) لأنفسهم بإعراضهم عن الحق . (
إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ) إلى كتاب الله ورسوله ، (
ليحكم بينهم ) هذا ليس على طريق الخبر لكنه تعليم أدب الشرع على معنى أن المؤمنين كذا ينبغي أن يكونوا ، ونصب القول على الخبر واسمه في قوله تعالى : (
أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) أي : سمعنا الدعاء وأطعنا بالإجابة . (
وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ) قال
ابن عباس رضي الله عنهما : فيما ساءه وسره (
ويخش الله ) على ما عمل من الذنوب . ( ويتقه ) فيما بعده ، (
فأولئك هم الفائزون ) الناجون ، قرأ
أبو عمرو وأبو بكر " يتقه " ساكنة الهاء ، ويختلسها
أبو جعفر ويعقوب nindex.php?page=showalam&ids=16810وقالون ، كما في نظائرها ويشبعها الباقون كسرا ، وقرأ
حفص " يتقه " بسكون القاف واختلاس الهاء ، وهذه اللغة إذا سقطت الياء للجزم يسكنون ما قبلها ، يقولون : لم أشتر طعاما بسكون الراء . قوله - عز وجل - : (
وأقسموا بالله جهد أيمانهم ) جهد اليمين أن يحلف بالله ، ولا حلف فوق
[ ص: 57 ] الحلف بالله ، (
لئن أمرتهم ليخرجن ) وذلك أن
المنافقين كانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أينما كنت نكن معك ، لئن خرجت خرجنا ، وإن أقمت أقمنا ، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا ، فقال تعالى : ( قل ) لهم ( لا تقسموا ) لا تحلفوا ، وقد تم الكلام ، ثم قال : (
طاعة معروفة ) أي : هذه
طاعة بالقول وباللسان دون الاعتقاد ، وهي معروفة أي : أمر عرف منكم أنكم تكذبون وتقولون ما لا تفعلون ، هذا معنى قول
مجاهد رضي الله عنه . وقيل : معناه طاعة معروفة بنية خالصة أفضل وأمثل من يمين باللسان لا يوافقها الفعل . وقال
مقاتل بن سليمان : لتكن منكم طاعة معروفة . (
إن الله خبير بما تعملون )