[ ص: 87 ] (
وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا ( 48 ) )
(
وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ) يعني المطر (
وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) وهو الطاهر في نفسه المطهر لغيره ، فهو اسم لما يتطهر به ، كالسحور اسم لما يتسحر به ، والفطور اسم لما يفطر به ، والدليل عليه ما روينا أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=815217النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في البحر : " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وأراد به المطهر ، فالماء مطهر لأنه يطهر الإنسان من الحدث والنجاسة ، كما قال في آية أخرى :
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ( الأنفال - 11 ) ، فثبت به أن
التطهير يختص بالماء .
وذهب أصحاب الرأي إلى أن " الطهور " هو الطاهر ، حتى جوزوا
إزالة النجاسة بالمائعات الطاهرة ، مثل الخل وماء الورد والمرق ونحوها . ولو جاز إزالة النجاسة بها لجاز إزالة الحدث بها . وذهب بعضهم إلى أن " الطهور " ما يتكرر منه التطهير ، كالصبور اسم لمن يتكرر منه الصبر ، والشكور اسم لمن يتكرر منه الشكر ، وهو قول
مالك ، حتى جوز
الوضوء بالماء الذي توضأ منه مرة . وإن وقع في الماء شيء غير طعمه أو لونه أو ريحه هل تزول طهوريته ؟ نظر : إن كان الواقع شيئا لا يمكن صون الماء عنه ، كالطين والتراب وأوراق الأشجار ، لا تزول ، فيجوز الطهارة به كما لو تغير لطول المكث في قراره ، وكذلك لو وقع فيه ما لا يخالطه ، كالدهن يصب فيه فيتروح الماء
[ ص: 88 ] برائحته يجوز الطهارة به ، لأن تغيره للمجاورة لا للمخالطة . وإن كان شيئا يمكن صون الماء منه ويخالطه كالخل والزعفران ونحوهما تزول [ طهوريته فلا يجوز الوضوء به . وإن لم يتغير أحد أوصافه ، ينظر : إن كان الواقع فيه شيئا طاهرا لا تزول ] طهوريته ، فتجوز الطهارة به ، سواء كان الماء قليلا أو كثيرا ، وإن كان الواقع فيه شيئا نجسا ، ينظر : فإن كان الماء قليلا أقل من القلتين ينجس الماء ، وإن كان قدر قلتين فأكثر فهو طاهر يجوز الوضوء به . والقلتان خمس قرب ، ووزنه خمسمائة رطل ، والدليل عليه ما : أخبرنا
أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا
أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا
حاجب بن أحمد الطوسي ، حدثنا
عبد الرحيم بن المنيب ، أخبرنا
جرير عن
محمد بن إسحاق ، عن
محمد بن جعفر بن الزبير ، عن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه عن
nindex.php?page=hadith&LINKID=815218النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الماء يكون في الفلاة وما يرده من الدواب والسباع ؟ فقال : " إذا كان الماء قلتين ليس يحمل الخبث " وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأحمد ،
وإسحاق ، وجماعة من أهل الحديث : أن الماء إذا بلغ هذا الحد لا ينجس بوقوع النجاسة فيه ما لم يتغير أحد أوصافه .
وذهب جماعة إلى أن
الماء القليل لا ينجس بوقوع النجاسة فيه ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه ، وهو قول
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري . واحتجوا بما : أخبرنا
أبو القاسم بن عبد الله بن محمد الحنفي ، أخبرنا
أبو الحارث طاهر بن محمد الطاهري ، حدثنا
أبو محمد الحسن بن محمد بن حكيم ، حدثنا
أبو الموجه محمد بن عمرو بن الموجه ، حدثنا
صدقة بن الفضل أخبرنا
أبو أسامة عن
الوليد بن كثير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، عن
عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=815219عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة ؟ وهي بئر يلقى فيه الحيض ولحوم الكلاب والنتن ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الماء طهور لا ينجسه شيء " .