(
ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ( 51 )
فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ( 52 )
وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ( 53 )
وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ( 54 ) )
قوله - عز وجل - : (
ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ) رسولا ينذرهم ، ولكن بعثناك إلى القرى كلها ، وحملناك ثقل النذارة جميعها ، لتستوجب بصبرك عليه ما أعددنا لك من الكرامة والدرجة الرفيعة . (
فلا تطع الكافرين ) فيما يدعونك إليه من موافقتهم ومداهنتهم . (
وجاهدهم به ) أي : بالقرآن ، (
جهادا كبيرا ) شديدا . (
وهو الذي مرج البحرين ) خلطهما وأفاض أحدهما في الآخر ، وقيل : أرسلهما في مجاريهما وخلاهما كما يرسل الخيل في المرج ، وأصل " المرج " : الخلط والإرسال ، يقال : مرجت الدابة وأمرجتها إذا أرسلتها في المرعى وخليتها تذهب حيث تشاء ، (
هذا عذب فرات ) شديد العذوبة ، و " الفرات " : أعذب المياه ، (
وهذا ملح أجاج ) شديد الملوحة . وقيل : أجاج أي : مر (
وجعل بينهما برزخا ) أي : حاجزا بقدرته لئلا يختلط العذب بالملح ولا الملح بالعذب ، ) ( وحجرا محجورا ) أي : سترا ممنوعا فلا يبغيان ، ولا يفسد الملح العذب . (
وهو الذي خلق من الماء ) من النطفة ، (
بشرا فجعله نسبا وصهرا ) أي : جعله ذا نسب وصهر ، قيل : " النسب " ما لا يحل نكاحه ، و " الصهر " : ما يحل نكاحه ، فالنسب ما يوجب الحرمة ، والصهر ما لا يوجبها ، وقيل : - وهو الصحيح - : النسب : من القرابة ، والصهر : الخلطة التي تشبه القرابة ، وهو السبب المحرم للنكاح ، وقد ذكرنا أن الله تعالى حرم بالنسب سبعا وبالسبب سبعا ، في قوله "
حرمت عليكم أمهاتكم " ( النساء - 23 ) ، (
وكان ربك قديرا )