[ ص: 94 ] (
والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ( 64 )
والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ( 65 )
إنها ساءت مستقرا ومقاما ( 66 )
والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ( 67 ) )
قوله تعالى : (
والذين يبيتون لربهم ) يقال لمن أدرك الليل : بات ، نام أو لم ينم ، يقال : بات فلان قلقا ، والمعنى : يبيتون لربهم بالليل في الصلاة ، ) ( سجدا ) على وجوههم ، ) ( وقياما ) على أقدامهم . قال
ابن عباس : من صلى بعد العشاء الآخرة ركعتين أو أكثر فقد بات لله ساجدا وقائما . أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أخبرنا
أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا
حميد بن زنجويه ، حدثنا
أبو نعيم عن
سفيان ، عن
عثمان بن حكيم ، عن
عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815223 " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله " قوله - عز وجل - : (
والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما ) أي : ملحا دائما ، لازما غير مفارق من عذب به من الكفار ، ومنه سمي الغريم لطلبه حقه وإلحاحه على صاحبه وملازمته إياه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي : سأل الله الكفار ثمن نعمه فلم يؤدوا فأغرمهم فيه ، فبقوا في النار . قال
الحسن : كل غريم يفارق غريمه إلا جهنم . و " الغرام " : الشر اللازم ، وقيل : " غراما " هلاكا . (
إنها ساءت مستقرا ومقاما ) أي : بئس موضع قرار وإقامة . (
والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا ) قرأ
ابن كثير وأهل البصرة " يقتروا " بفتح الياء وكسر التاء ، وقرأ
أهل المدينة وابن عامر بضم الياء وكسر التاء ، وقرأ الآخرون بفتح الياء وضم التاء ، وكلها لغات صحيحة . يقال : أقتر وقتر بالتشديد ، وقتر يقتر . واختلفوا في
معنى الإسراف والإقتار ، فقال بعضهم : " الإسراف " : النفقة في معصية الله وإن قلت ، و " الإقتار " : منع حق الله تعالى . وهو قول
ابن عباس ومجاهد وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج . وقال
الحسن في هذه الآية لم ينفقوا في معاصي الله ولم يمسكوا عن فرائض الله .
[ ص: 95 ] وقال قوم : " الإسراف " : مجاوزة الحد في الإنفاق ، حتى يدخل في حد التبذير ، و " الإقتار " : التقصير عما لا بد منه ، وهذا معنى قول
إبراهيم : لا يجيعهم ولا يعريهم ولا ينفق نفقة يقول الناس قد أسرف . ) ( وكان بين ذلك قواما ) قصدا وسطا بين الإسراف والإقتار ، حسنة بين السيئتين . قال
يزيد بن أبي حبيب في هذه الآية : أولئك أصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، كانوا لا يأكلون طعاما للتنعم واللذة ، ولا يلبسون ثوبا للجمال ، ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يسد عنهم الجوع ويقويهم على عبادة ربهم ، ومن الثياب ما يستر عوراتهم ويكنهم من الحر والقر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : كفى سرفا أن لا يشتهي الرجل شيئا إلا اشتراه فأكله