(
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير ( 234 ) )
قوله تعالى : (
والذين يتوفون منكم ) أي يموتون وتتوفى آجالهم وتوفى واستوفى بمعنى واحد ومعنى التوفي أخذ الشيء وافيا (
ويذرون أزواجا ) يتركون أزواجا ) ( يتربصن ) ينتظرن (
بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) أي يعتددن بترك الزينة والطيب والنقلة على فراق أزواجهن هذه المدة إلا أن يكن حوامل فعدتهن بوضع الحمل وكانت عدة الوفاة في الابتداء حولا كاملا لقوله تعالى : "
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " 240 - البقرة ) ثم نسخت بأربعة أشهر وعشرا .
وقال
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : كانت هذه العدة يعني أربعة أشهر وعشرا واجبة عند أهل زوجها فأنزل الله تعالى : (
متاعا إلى الحول ) فجعل لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية إن شاءت سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت وهو قول الله عز وجل : "
غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن " ( 240 - البقرة ) فالعدة كما هي واجبة عليها .
وقال :
عطاء قال :
ابن عباس رضي الله عنهما : نسخت هذه الآية عدتها عند أهله وسكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت قال
عطاء : ثم جاء الميراث فنسخ السكنى فتعتد حيث شاءت ولا سكنى لها ويجب عليها
الإحداد في عدة الوفاة وهي أن تمتنع من الزينة والطيب فلا يجوز لها تدهين رأسها بأي دهن سواء كان فيه طيب أو لم يكن ولها تدهين جسدها بدهن لا طيب فيه فإن كان فيه طيب فلا يجوز ولا يجوز لها أن تكتحل بكحل فيه طيب أو فيه زينة كالكحل الأسود ولا بأس بالكحل الفارسي
[ ص: 280 ] الذي لا زينة فيه فإن اضطرت إلى كحل فيه زينة فرخص فيه كثير من أهل العلم منهم
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء والنخعي وبه قال
مالك وأصحاب الرأي وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : تكتحل به ليلا وتمسحه بالنهار .
قالت
أم سلمة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502295دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت علي صبرا فقال : " إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار " .
ولا يجوز لها الخضاب ولا لبس الوشي والديباج والحلي ويجوز لها لبس البيض من الثياب ولبس الصوف والوبر ولا تلبس الثوب المصبوغ للزينة كالأحمر والأخضر الناضر والأصفر ويجوز ما صبغ لغير زينة كالسواد والكحلي وقال
سفيان : لا تلبس المصبوغ بحال .
أخبرنا
أبو الحسن السرخسي أنا
زاهر بن أحمد أنا
أبو إسحاق الهاشمي أنا
أبو مصعب عن
مالك عن
عبد الله بن أبي بكر محمد بن عمر بن حزم عن
حميد بن نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=170زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة قالت
زينب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502296دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت به جارية ثم مست به بطنها ثم قالت : والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " .
وقالت
زينب : ثم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502297دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها عبد الله فدعت بطيب فمست به ثم قالت : والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر " لا يحل لامرأة أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " قالت
زينب : وسمعت أمي
أم سلمة تقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502298جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا " ثم قال : " إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول " قال
حميد : فقلت
لزينب : وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟
[ ص: 281 ] فقالت
زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا أي بيتا صغيرا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به أي تمسح فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ذلك ما شاءت من طيب أو غيره ، وقال
مالك : تفتض أي تمسح جلدها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : الحكمة في هذه المدة أن فيها ينفخ الروح في الولد ويقال : إن الولد يرتكض أي يتحرك في البطن لنصف مدة الحمل أربعة أشهر وعشر قريبا من نصف مدة الحمل وإنما قال عشرا بلفظ المؤنث لأنه أراد الليالي لأن العرب إذا أبهمت العدد بين الليالي والأيام غلبت عليها الليالي فيقولون صمنا عشرا والصوم لا يكون إلا بالنهار .
وقال
المبرد : إنما أنث العشر لأنه أراد المدد أي عشر مدد كل مدة يوم وليلة وإذا كان المتوفى عنها زوجها حاملا فعدتها بوضع الحمل عند أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم وروي عن
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهم أنها تنتظر آخر الأجلين من وضع الحمل أو أربعة أشهر وعشرا وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى أراد بالقصرى سورة الطلاق "
وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ( 4 - الطلاق ) نزلت بعد قوله تعالى "
يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " في سورة البقرة فحمله على النسخ وعامة الفقهاء خصوا الآية بحديث
سبيعة وهو ما أخبرنا
أبو الحسن السرخسي أخبرنا
زاهر بن أحمد أنا
أبو إسحاق الهاشمي أنا
أبو مصعب عن
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
المسور بن مخرمة nindex.php?page=hadith&LINKID=3502299أن سبيعة نفست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن تنكح فأذن لها فنكحت . قوله تعالى (
فإذا بلغن أجلهن ) أي انقضت عدتهن (
فلا جناح عليكم ) خطاب للأولياء (
فيما فعلن في أنفسهن ) أي من اختيار الأزواج دون العقد فإن العقد إلى الولي وقيل فيما فعلن من التزين
[ ص: 282 ] للرجال زينة لا ينكرها الشرع (
بالمعروف والله بما تعملون خبير )
والإحداد واجب على المرأة في عدة الوفاة أما
المعتدة عن الطلاق نظر فإن كانت رجعية فلا إحداد عليها في العدة لأن لها أن تضع ما يشوق قلب الزوج إليها ليراجعها وفي
البائنة بالخلع والطلقات الثلاثة قولان : أحدهما : عليها الإحداد كالمتوفى عنها زوجها وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وبه قال
أبو حنيفة والثاني : لا إحداد عليها وهو قول
عطاء وبه قال
مالك .