[ ص: 110 ] (
ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين ( 21 )
وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ( 22 ) )
(
ففررت منكم لما خفتكم ) إلى مدين ، (
فوهب لي ربي حكما ) يعني النبوة ، وقال
مقاتل : يعني العلم والفهم ، (
وجعلني من المرسلين ) (
وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ) اختلفوا في تأويلها : فحملها بعضهم على الإقرار وبعضهم على الإنكار . فمن قال هو إقرار ، قال عدها
موسى نعمة منه عليه حيث رباه ، ولم يقتله كما قتل سائر غلمان
بني إسرائيل ، ولم يستعبده كما استعبد
بني إسرائيل مجازه : بلى وتلك نعمة علي أن عبدت
بني إسرائيل ، وتركتني فلم تستعبدني . ومن قال : هو إنكار قال : قوله :
وتلك نعمة هو على طريق الاستفهام ، أي : أوتلك نعمة ؟ حذف ألف الاستفهام ، كقوله : " أفهم الخالدون " ( الأنبياء - 34 ) ؟ قال الشاعر
تروح من الحي أو تبتكر وماذا يضرك لو تنتظر ؟
أي : أتروح من الحي ؟ قال
عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة :
لم أنس يوم الرحيل وقفتها وطرفها في دموعها غرق
وقولها والركاب واقفة تتركني هكذا وتنطلق ؟
أي : أتتركني ، يقول : تمن علي أن ربيتني ، وتنسى جنايتك على
بني إسرائيل بالاستعباد والمعاملات القبيحة ؟ . أو يريد : كيف تمن علي بالتربية وقد استعبدت قومي ، ومن أهين قومه ذل ، فتعبيدك
بني إسرائيل قد أحبط إحسانك إلي . وقيل معناه تمن علي بالتربية . وقوله : ( أن عبدت بني إسرائيل ) أي : باستعبادك
بني إسرائيل وقتلك أولادهم ، دفعت إليك حتى ربيتني وكفلتني ولو لم تستعبدهم وتقتلهم كان لي من أهلي من يربيني ولم يلقوني في اليم ، فأي نعمة لك علي ؟ قوله : ( عبدت ) أي : اتخذتهم عبيدا ، يقال : عبدت فلانا ، وأعبدته ، وتعبدته ، واستعبدته ، أي : اتخذته عبدا .