[ ص: 111 ] (
قال فرعون وما رب العالمين ( 23 )
قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ( 24 )
قال لمن حوله ألا تستمعون ( 25 )
قال ربكم ورب آبائكم الأولين ( 26 )
قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ( 27 )
قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ( 28 )
قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ( 29 )
قال أولو جئتك بشيء مبين ( 30 ) )
(
قال فرعون وما رب العالمين ) يقول : أي شيء رب العالمين الذي تزعم أنك رسوله إلي ؟ يستوصفه إلهه الذي أرسله إليه ب " ما " ، وهو سؤال عن جنس الشيء ، والله منزه عن الجنسية ، فأجابه
موسى عليه السلام بذكر أفعاله التي يعجز عن الإتيان بمثلها . (
قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ) إنه خالقهما . قال أهل المعاني : أي كما توقنون هذه الأشياء التي تعاينونها فأيقنوا أن إله الخلق هو الله - عز وجل - ، فلما قال
موسى ذلك تحير
فرعون في جواب
موسى . ) ( قال لمن حوله ) من أشراف قومه . قال
ابن عباس : كانوا خمسمائة رجل عليهم الأسورة ، قال لهم
فرعون استبعادا لقول
موسى : ) ( ألا تستمعون ) وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن آلهتهم ملوكهم . فزادهم
موسى في البيان . (
قال ربكم ورب آبائكم الأولين ) ( قال ) يعني :
فرعون : (
إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ) يتكلم بكلام لا نعقله ولا نعرف صحته ، وكان عندهم أن من لا يعتقد ما يعتقدون ليس بعاقل ، فزاد
موسى في البيان : (
قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ) ( قال )
فرعون - حين لزمته الحجة وانقطع عن الجواب - تكبرا عن الحق : (
لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ) من المحبوسين ، قال
الكلبي : كان سجنه أشد من القتل ، لأنه كان يأخذ الرجل فيطرحه في مكان وحده فردا لا يسمع ولا يبصر فيه شيئا ، يهوي به في الأرض . ) ( قال ) له
موسى حين توعده بالسجن : ) ( أولو جئتك ) أي : وإن جئتك ، ) ( بشيء مبين ) بآية مبينة ، ومعنى الآية : أتفعل ذلك وإن أتيتك بحجة بينة ؟ وإنما قال ذلك
موسى لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإنصاف والإجابة إلى الحق بعد البيان .