[ ص: 170 ] (
وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ( 48 )
قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ( 49 )
ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون ( 50 )
فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين ( 51 ) )
قوله تعالى : ( وكان في المدينة ) يعني : مدينة
ثمود ، وهي الحجر ، ( تسعة رهط ) من أبناء أشرافهم ، (
يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) وهم الذين اتفقوا على عقر الناقة ، وهم غواة قوم
صالح ، ورأسهم
قدار بن سالف ، وهو الذي تولى عقرها ، كانوا يعملون بالمعاصي . قالوا ( تقاسموا بالله ) تحالفوا ، يقول بعضهم لبعض : أي : احلفوا بالله أيها القوم . وموضع " تقاسموا " جزم على الأمر ، وقال قوم : محله نصب على الفعل الماضي ، يعني : أنهم تحالفوا وتواثقوا ، تقديره : قالوا متقاسمين بالله ، ( لنبيتنه ) أي : لنقتلنه بياتا أي : ليلا ( وأهله ) أي : وقومه الذين أسلموا معه ، وقرأ
الأعمش وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " لتبيتنه " و " لتقولن " بالتاء فيهما وضم لام الفعل على الخطاب ، وقرأ الآخرون بالنون فيهما وفتح لام الفعل ، ( ثم لنقولن لوليه ) أي : لولي دمه ، ( ما شهدنا ) ما حضرنا ، ( مهلك أهله ) أي : إهلاكهم ، ولا ندري من قتله ، ومن فتح الميم فمعناه هلاك أهله ، ( وإنا لصادقون ) في قولنا ما شهدنا ذلك . ( ومكروا مكرا ) غدروا غدرا حين قصدوا تبييت
صالح والفتك به ، ( ومكرنا مكرا ) جزيناهم على مكرهم بتعجيل عقوبتهم ، ( وهم لا يشعرون ) (
فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا ) قرأ
أهل الكوفة " أنا " بفتح الألف ردا على العاقبة ، أي : كانت العاقبة أنا دمرناهم ، وقرأ الآخرون : " إنا " بالكسر على الاستئناف ، ( دمرناهم ) أي : أهلكناهم التسعة . واختلفوا في كيفية هلاكهم ، قال
ابن عباس - رضي الله عنهما - : أرسل الله الملائكة تلك الليلة إلى دار
صالح يحرسونه ، فأتى التسعة دار
صالح شاهرين سيوفهم ، فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة ، فقتلهم . قال
مقاتل : نزلوا في سفح جبل ينظر بعضهم بعضا ليأتوا دار
صالح ، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم . ( وقومهم أجمعين ) أهلكهم الله بالصيحة .