(
ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ( 90 )
إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين ( 91 )
وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين ( 92 )
وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون ( 93 ) )
(
ومن جاء بالسيئة ) يعني الشرك ، (
فكبت وجوههم في النار ) يعني ألقوا على وجوههم ، يقال : كببت الرجل : إذا ألقيته على وجهه ، فانكب وأكب ، وتقول لهم خزنة جهنم : (
هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ) في الدنيا من الشرك . قوله تعالى : ( إنما أمرت ) يقول الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - قل إنما أمرت ، (
أن أعبد رب هذه البلدة ) يعني :
مكة ، ( الذي حرمها ) جعلها الله حرما آمنا ، لا يسفك فيها دم ، ولا يظلم فيها أحد ، ولا يصاد صيدها ، ولا يختلى خلاها ، ( وله كل شيء ) خلقا وملكا ، (
وأمرت أن أكون من المسلمين ) لله . ( وأن أتلو القرآن ) يعني : وأمرت أن أتلو القرآن ، (
فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ) أي : نفع اهتدائه يرجع إليه ، ( ومن ضل ) عن الإيمان وأخطأ عن طريق الهدى ، (
فقل إنما أنا من المنذرين ) من المخوفين فليس علي إلا البلاغ . نسختها آية القتال . (
وقل الحمد لله ) على نعمه ، ( سيريكم آياته ) يعني : يوم
بدر ، من القتل والسبي وضرب
[ ص: 185 ] الملائكة وجوههم وأدبارهم ، نظيره قوله - عز وجل - : "
سأريكم آياتي فلا تستعجلون " ( الأنبياء - 37 ) ، وقال
مجاهد سيريكم آياته في السماء والأرض وفي أنفسكم ، كما قال : "
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم " ( فصلت - 53 ) ، ( فتعرفونها ) يعني : تعرفون الآيات والدلالات ، (
وما ربك بغافل عما تعملون ) وعدهم بالجزاء على أعمالهم .