(
فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ( 24 )
فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ( 25 ) )
(
فسقى لهما ثم تولى إلى الظل ) ظل شجرة ، فجلس في ظلها من شدة الحر وهو جائع ، (
فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير ) طعام ، ( فقير ) قال أهل اللغة اللام بمعنى " إلى " ، يقال : هو فقير له ، وفقير إليه ، يقول : إني لما أنزلت إلي من خير ، أي : طعام ، فقير محتاج ، كان يطلب الطعام لجوعه . قال
ابن عباس : سأل الله تعالى فلقة خبز يقيم بها صلبه . قال
الباقر : لقد قالها وإنه لمحتاج إلى شق تمرة . وقال
سعيد بن جبير عن
ابن عباس : لقد قال
موسى : (
رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) وهو أكرم خلقه عليه ، ولقد افتقر إلى شق تمرة . وقال
مجاهد : ما سأله إلا الخبز . قالوا : فلما رجعتا إلى أبيهما سريعا قبل الناس وأغنامهما حفل بطان ، قال لهما : ما أعجلكما ؟ قالتا : وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا أغنامنا ، فقال لإحداهما : اذهبي فادعيه لي .
قال الله تعالى : (
فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ليست بسلفع من النساء خراجة ولاجة ، ولكن جاءت مستترة قد وضعت كم درعها على وجهها استحياء ، (
قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) قال
أبو حازم سلمة بن [ ص: 202 ] دينار : لما سمع ذلك
موسى أراد أن لا يذهب ، ولكن كان جائعا فلم يجد بدا من الذهاب ، فمشت المرأة ومشى
موسى خلفها ، فكانت الريح تضرب ثوبها فتصف ردفها ، فكره
موسى أن يرى ذلك منها ، فقال لها : امشي خلفي ودليني على الطريق إن أخطأت ، ففعلت ذلك ، فلما دخل على
شعيب إذا هو بالعشاء مهيأ ، فقال : اجلس يا شاب فتعش ، فقال
موسى : أعوذ بالله ، فقال
شعيب : ولم ذاك ألست بجائع ؟ قال : بلى ، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهما ، وإنا من أهل بيت لا نطلب على عمل من أعمال الآخرة عوضا من الدنيا ، فقال له
شعيب : لا والله يا شاب ، ولكنها عادتي وعادة آبائي ، نقري الضيف ، ونطعم الطعام ، فجلس
موسى وأكل .
(
فلما جاءه وقص عليه القصص ) يعني : أمره أجمع من قتله القبطي وقصد فرعون قتله ، (
قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ) يعني :
فرعون وقومه ، وإنما قال هذا لأنه لم يكن
لفرعون سلطان على
مدين .