(
فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن ياموسى إني أنا الله رب العالمين ( 30 )
وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ( 31 )
اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين ( 32 ) )
(
فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن ) من جانب الوادي الذي عن يمين
موسى ، (
في البقعة المباركة )
لموسى ، جعلها الله مباركة لأن الله كلم
موسى هناك وبعثه نبيا . وقال
عطاء : يريد المقدسة ، ( من الشجرة ) من ناحية الشجرة ، قال
ابن مسعود : كانت سمرة خضراء تبرق ، وقال
قتادة ومقاتل والكلبي : كانت عوسجة . قال
وهب من العليق ، وعن
ابن عباس - رضي الله عنهما - : أنها العناب ، (
أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين )
(
وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز ) تتحرك ، ( كأنها جان ) وهي الحية الصغيرة من سرعة حركتها ، ( ولى مدبرا ) هاربا منها ، ( ولم يعقب ) لم يرجع ، فنودي : (
يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين )
( اسلك ) أدخل (
يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ) برص ، فخرجت ولها شعاع كضوء الشمس ، (
واضمم إليك جناحك من الرهب ) قرأ أهل
الكوفة ، والشام : بضم الراء وسكون الهاء ، ويفتح الراء
حفص ، وقرأ الآخرون بفتحهما ، وكلها لغات بمعنى الخوف
[ ص: 207 ] ومعنى الآية : إذا هلك أمر يدك وما ترى من شعاعها فأدخلها في جيبك تعد إلى حالتها الأولى . " والجناح " : اليد كلها . وقيل : هو العضد . وقال
عطاء عن
ابن عباس رضي الله عنهم : أمره الله أن يضم يده إلى صدره فيذهب عنه ما ناله من الخوف عند معاينة الحية ، وقال : ما من خائف بعد
موسى إلا إذا وضع يده على صدره زال خوفه . قال
مجاهد : كل من فزع فضم جناحيه إليه ذهب عنه الفزع . وقيل : المراد من ضم الجناح : السكون ، أي : سكن روعك واخفض عليك جانبك ، لأن من شأن الخائف أن يضطرب قلبه ويرتعد بدنه ، ومثله قوله : "
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " ( الإسراء - 24 ) ، يريد الرفق ، وقوله : "
واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " ( الشعراء - 215 ) ، أي : ارفق بهم وألن جانبك لهم .
قال
الفراء : أراد بالجناح العصا ، معناه : اضمم إليك عصاك . وقيل : " الرهب " الكم بلغة حمير ، قال
الأصمعي : سمعت بعض الأعراب يقول : أعطني ما في رهبك ، أي : في كمك ، معناه : اضمم إليك يدك وأخرجها من الكم ، لأنه تناول العصا ويده في كمه . ( فذانك ) يعني : العصا ، واليد البيضاء ، ( برهانان ) آيتان ، (
من ربك إلى فرعون وملئه إنهم كانوا قوما فاسقين )