[ ص: 216 ] (
وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين ( 58 )
وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ( 59 ) (
وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون ( 60 )
أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ( 61 ) )
قوله - عز وجل - : (
وكم أهلكنا من قرية ) أي من أهل قرية ، (
بطرت معيشتها ) أي : في معيشتها ، أي : أشرت وطغت ، قال
عطاء : عاشوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام ، (
فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا ) قال
ابن عباس - رضي الله عنهما - : لم يسكنها إلا المسافرون ومار الطريق يوما أو ساعة ، معناه : لم تسكن من بعدهم إلا سكونا قليلا . وقيل : معناه : لم يعمر منها إلا أقلها وأكثرها خراب ، ( وكنا نحن ، الوارثين ) "
إنا نحن نرث الأرض ومن عليها " ( مريم - 40 ) .
(
وما كان ربك مهلك القرى ) أي : القرى الكافرة أهلها ، (
حتى يبعث في أمها رسولا ) يعني : في أكبرها وأعظمها رسولا ينذرهم ، وخص الأعظم ببعثة الرسول فيها ، لأن الرسول يبعث إلى الأشراف ، والأشراف يسكنون المدائن ، والمواضع التي هي أم ما حولها ، ( يتلو عليهم آياتنا ) قال
مقاتل : يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا ، (
وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ) مشركون ، يريد : أهلكتهم بظلمهم .
(
وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها ) تتمتعون بها أيام حياتكم ثم هي إلى فناء وانقضاء ، (
وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون ) أن الباقي خير من الفاني . قرأ عامة القراء : " تعقلون " بالتاء
وأبو عمرو بالخيار بين التاء والياء .
( أفمن وعدناه وعدا حسنا ) أي الجنة ( فهو لاقيه ) مصيبه ومدركه وصائر إليه (
كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ) ويزول عن قريب (
ثم هو يوم القيامة من المحضرين ) النار ، قال
[ ص: 217 ] قتادة : يعني المؤمن والكافر ، قال
مجاهد : نزلت في النبي - صلى الله عليه وسلم -
وأبي جهل . وقال
محمد بن كعب : نزلت في
حمزة وعلي ، وأبي جهل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : نزلت في
عمار والوليد بن المغيرة .