[ ص: 218 ] (
فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون ( 66 )
فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ( 67 )
وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ( 68 )
وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ( 69 )
وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ( 70 ) )
( فعميت ) خفيت واشتبهت ( عليهم الأنباء ) أي : الأخبار والأعذار ، وقال
مجاهد : الحجج ، ( يومئذ ) فلا يكون لهم عذر ولا حجة ، ( فهم لا يتساءلون ) لا يجيبون ، وقال
قتادة : لا يحتجون ، وقيل : يسكتون لا يسأل بعضهم بعضا .
(
فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ) السعداء الناجين .
قوله تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ) نزلت هذه الآية جوابا للمشركين حين قالوا : " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " ، يعني :
الوليد بن المغيرة ، أو
عروة بن مسعود الثقفي ، أخبر الله تعالى أنه لا يبعث الرسل باختيارهم . قوله - عز وجل - : ( ما كان لهم الخيرة ) قيل : " ما " للإثبات ، معناه : ويختار الله ما كان لهم الخيرة ، أي : يختار ما هو الأصلح والخير . وقيل : هو للنفي أي : ليس إليهم الاختيار ، وليس لهم أن يختاروا على الله ، كما قال تعالى : "
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة " ( الأحزاب - 36 ) ، " والخيرة " : اسم من الاختيار يقام مقام المصدر ، وهي اسم للمختار أيضا كما يقال :
محمد خيرة الله من خلقه . ثم نزه نفسه فقال : (
سبحان الله وتعالى عما يشركون )
(
وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ) يظهرون .
(
وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة ) يحمده أولياؤه في الدنيا ، ويحمدونه في الآخرة في الجنة ، ( وله الحكم ) فصل القضاء بين الخلق . قال
ابن عباس - رضي الله عنهما - :
[ ص: 219 ] حكم لأهل طاعته بالمغفرة ولأهل معصيته بالشقاء ، ( وإليه ترجعون )