(
تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ( 83 )
من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون ( 84 ) (
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين ( 85 ) )
قوله تعالى : (
تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ) قال
الكلبي ومقاتل : استكبارا عن الإيمان ، وقال عطاء : " علوا " واستطالة على الناس وتهاونا بهم . وقال
الحسن : لم تطلبوا الشرف والعز عند ذي سلطان . وعن
علي رضي الله عنه : أنها نزلت في أهل التواضع من الولاة وأهل القدرة ) ( ولا فسادا ) قال
الكلبي : هو الدعاء إلى عبادة غير الله . وقال
عكرمة : أخذ أموال الناس بغير حق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ومقاتل : العمل بالمعاصي . (
والعاقبة للمتقين ) أي : العاقبة المحمودة لمن اتقى عقاب الله بأداء أوامره واجتناب معاصيه . وقال
قتادة : الجنة للمتقين .
(
من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ) . قوله تعالى : (
إن الذي فرض عليك القرآن ) أي : أنزل عليك القرآن على قول أكثر المفسرين وقال
عطاء : أوجب عليك العمل بالقرآن (
لرادك إلى معاد ) إلى
مكة ، وهو رواية
العوفي عن
ابن عباس - رضي الله عنهما - ، وهو قول
مجاهد . قال
القتيبي : معاد الرجل : بلده ، لأنه
[ ص: 227 ] ينصرف ثم يعود إلى بلده ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من الغار مهاجرا إلى
المدينة سار في غير الطريق مخافة الطلب ، فلما أمن ورجع إلى الطريق نزل
الجحفة بين
مكة والمدينة ، وعرف الطريق إلى
مكة اشتاق إليها ، فأتاه
جبريل عليه السلام وقال : أتشتاق إلى بلدك ومولدك ؟ قال : نعم ، قال : فإن الله تعالى يقول : (
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) ، وهذه الآية نزلت
بالجحفة ليست بمكية ولا مدنية .
وروى
سعيد بن جبير عن
ابن عباس - رضي الله عنهما - : " لرادك إلى معاد " إلى الموت . وقال
الزهري وعكرمة : إلى القيامة . وقيل : إلى الجنة . (
قل ربي أعلم من جاء بالهدى ) [ أي : يعلم من جاء بالهدى ] ، وهذا جواب لكفار
مكة لما قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إنك لفي ضلال ، فقال الله - عز وجل - : قل لهم ربي أعلم من جاء بالهدى ، يعني نفسه (
ومن هو في ضلال مبين ) يعني المشركين ، ومعناه : أعلم بالفريقين .