[ ص: 272 ] (
أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون ( 35 )
وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ( 36 )
أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ( 37 )
فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون ( 38 )
وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ( 39 ) )
(
أم أنزلنا عليهم سلطانا ) قال
ابن عباس - رضي الله عنهما - : حجة وعذرا . وقال
قتادة : كتابا (
فهو يتكلم ) ينطق (
بما كانوا به يشركون ) أي : ينطق بشركهم ويأمرهم به . (
وإذا أذقنا الناس رحمة ) أي : الخصب وكثرة المطر (
فرحوا بها ) يعني فرح البطر (
وإن تصبهم سيئة ) أي : الجدب وقلة المطر ويقال : الخوف والبلاء (
بما قدمت أيديهم ) من السيئات (
إذا هم يقنطون ) ييأسون من رحمة الله ، وهذا خلاف وصف
المؤمن ، فإنه يشكر الله عند النعمة ، ويرجو ربه عند الشدة . (
أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) قوله تعالى : (
فآت ذا القربى حقه ) البر والصلة ) ( والمسكين ، ) وحقه أن يتصدق عليه ) ( وابن السبيل ) يعني : المسافر ، وقيل : هو الضعيف (
ذلك خير للذين يريدون وجه الله ) يطلبون ثواب الله بما يعملون ) ( وأولئك هم المفلحون ) قوله - عز وجل - : ) (
وما آتيتم من ربا ) قرأ
ابن كثير : " أتيتم " مقصورا ، وقرأ الآخرون بالمد ، أي : أعطيتم ، ومن قصر فمعناه : ما جئتم من ربا ، ومجيئوهم ذلك على وجه
الإعطاء كما تقول : أتيت خطئا ، وأتيت صوابا ، فهو يؤول في المعنى إلى قول من مد . (
ليربوا في أموال الناس ) قرأ أهل
المدينة ، ويعقوب : " لتربوا " بالتاء وضمها وسكون الواو على الخطاب ، أي : لتربوا أنتم وتصيروا ذوي زيادة من أموال الناس ، وقرأ الآخرون بالياء وفتحها ، ونصب الواو وجعلوا الفعل للربا لقوله : (
فلا يربو عند الله ) في أموال الناس ، أي : في اختطاف أموال الناس واجتذابها .
[ ص: 273 ]
واختلفوا في معنى الآية ، فقال
سعيد بن جبير ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، وقتادة ، والضحاك ، وأكثر المفسرين : هو الرجل يعطي غيره العطية ليثب أكثر منها فهذا جائز حلال ، ولكن لا يثاب عليه في القيامة ، وهو معنى قوله - عز وجل - : "
فلا يربوا عند الله " ، وكان هذا حراما على النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة لقوله تعالى : "
ولا تمنن تستكثر " ( المدثر - 6 ) ، أي : لا تعط وتطلب أكثر مما أعطيت . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : هو الرجل يعطي صديقه أو قريبه ليكثر ماله ولا يريد به وجه الله . وقال
الشعبي : هو الرجل يلتزق بالرجل فيخدمه ويسافر معه فيجعل له ربح ماله التماس عونه ، لا لوجه الله ، فلا يربوا عند الله لأنه لم يرد به وجه الله تعالى .
(
وما آتيتم من زكاة ) أعطيتم من صدقة (
تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) يضاعف لهم الثواب فيعطون بالحسنة عشر أمثالها فالمضعف ذو الأضعاف من الحسنات ، تقول العرب : القوم مهزولون ومسمونون : إذا هزلت أو سمنت إبلهم .