(
واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا ( 2 )
وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ( 3 )
ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( 4 ) )
(
واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا ) قرأ
أبو عمرو : " يعملون خبيرا " و " يعملون بصيرا " بالياء فيهما ، وقرأ غيره بالتاء . (
وتوكل على الله ) ثق بالله (
وكفى بالله وكيلا ) حافظا لك ، وقيل : كفيلا برزقك . قوله - عز وجل - : ) (
ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) نزلت في
أبي معمر ، جميل بن معمر الفهري ، وكان رجلا لبيبا حافظا لما يسمع ، فقالت
قريش : ما حفظ
أبو معمر هذه الأشياء إلا وله قلبان ، وكان يقول : إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد ، فلما هزم الله المشركين يوم بدر انهزم أبو معمر فيهم ، فلقيه
أبو سفيان وإحدى نعليه بيده ، والأخرى في رجله ، فقال له : يا
أبا معمر ما حال الناس ؟ قال انهزموا ، قال : فما لك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك ؟ فقال
أبو معمر : ما شعرت إلا أنهما في رجلي ، فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده .
وقال
الزهري ومقاتل هذا مثل ضربه الله - عز وجل - للمظاهر من امرأته وللمتبني ولد غيره ، يقول : فكما لا يكون لرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أمه حتى تكون أمان ، ولا يكون له ولد واحد ابن رجلين .
[ ص: 317 ]
(
وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم ) قرأ أهل
الشام والكوفة : " اللائي " هاهنا وفي سورة الطلاق بياء بعد الهمزة ، وقرأ قالون عن
نافع ويعقوب بغير ياء بعد الهمزة ، وقرأ الآخرون بتليين الهمزة ، وكلها لغات معروفة ، " تظاهرون " قرأ
عاصم بالألف وضم التاء وكسر الهاء مخففا ، وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بفتح التاء والهاء مخففا وقرأ
ابن عامر بفتحها وتشديد الظاء ، وقرأ الآخرون بفتحها وتشديد الظاء والهاء من غير ألف بينهما .
وصورة الظهار : أن يقول الرجل لامرأته : أنت علي كظهر أمي . يقول الله تعالى : ما جعل نساءكم اللائي تقولون لهن هذا في التحريم كأمهاتكم ، ولكنه منكر وزور ، وفيه كفارة نذكرها إن شاء الله تعالى في سورة المجادلة .
(
وما جعل أدعياءكم ) يعني : من تبنيتموه ) ( أبناءكم ) فيه
نسخ التبني ، وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يتبنى الرجل فيجعله كالابن المولود له ، يدعوه الناس إليه ، ويرث ميراثه ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتق
زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي ، وتبناه قبل الوحي ، وآخى بينه وبين
حمزة بن عبد المطلب ، فلما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
زينب بنت جحش وكانت تحت
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ، قال المنافقون تزوج
محمد امرأة ابنه وهو ينهى الناس عن ذلك ، فأنزل الله هذه الآية ونسخ التبني (
ذلكم قولكم بأفواهكم ) لا حقيقة له يعني قولهم زيد بن
محمد - صلى الله عليه وسلم - وادعاء نسب لا حقيقة له (
والله يقول الحق ) أي : قوله الحق (
وهو يهدي السبيل ) أي : يرشد إلى سبيل الحق .