( يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ( 20 )
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ( 21 ) )
( يحسبون ) يعني هؤلاء المنافقين ) ( الأحزاب ) يعني :
قريشا وغطفان واليهود (
لم يذهبوا ) لم ينصرفوا عن قتالهم جبنا وفرقا وقد انصرفوا (
وإن يأت الأحزاب ) أي : يرجعوا إليه للقتال بعد الذهاب (
يودوا لو أنهم بادون في الأعراب ) أي يتمنوا لو كانوا في بادية الأعراب من الخوف والجبن ، يقال : بدا يبدو بداوة ، إذا خرج إلى البادية (
يسألون عن أنبائكم ) أخباركم وما آل إليه أمركم ، وقرأ
يعقوب : " يساءلون " مشددة ممدودة ، أي : يتساءلون ) ( ولو كانوا ) يعني : هؤلاء المنافقين (
فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ) تعذيرا ، أي : يقاتلون قليلا يقيمون به عذرهم ، فيقولون قد قاتلنا . قال
الكلبي : إلا قليلا أي : رميا بالحجارة . وقال
مقاتل : إلا رياء وسمعة من غير احتساب . قوله - عز وجل - : (
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) قرأ
عاصم : " أسوة " حيث كان ، بضم الهمزة ، والباقون بكسرها ، وهم لغتان ، أي : قدوة صالحة ، وهي فعلة من الائتساء كالقدوة من الاقتداء ، اسم وضع موضع المصدر ، أي : به اقتداء حسن إن تنصروا دين الله وتؤازروا
[ ص: 336 ] الرسول ولا تتخلفوا عنه ، وتصبروا على ما يصيبكم كما فعل هو إذ كسرت رباعيته وجرح وجهه ، وقتل عمه وأوذي بضروب من الأذى ، فواساكم مع ذلك بنفسه ، فافعلوا أنتم كذلك أيضا واستنوا بسنته (
لمن كان يرجو الله ) بدل من قوله : " لكم " وهو تخصيص بعد تعميم للمؤمنين ، يعني : أن الأسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن كان يرجو الله ، قال
ابن عباس : يرجو ثواب الله . وقال
مقاتل : يخشى الله ) ( واليوم الآخر ) أي : يخشى يوم البعث الذي فيه جزاء الأعمال (
وذكر الله كثيرا ) في جميع المواطن على السراء والضراء .