صفحة جزء
( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل ( 67 ) ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ( 68 ) يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ( 69 ) )

( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا ) قرأ ابن عامر ، ويعقوب : " ساداتنا " بكسر التاء والألف قبلها على جمع الجمع ، وقرأ الآخرون بفتح التاء بلا ألف قبلها ( وكبراءنا فأضلونا السبيل ربنا آتهم ضعفين من العذاب ) أي : ضعفي عذاب غيرهم ( والعنهم لعنا كبيرا ) قرأ عاصم : كبيرا بالباء . قال الكلبي : أي : عذابا كثيرا ، وقرأ الآخرون بالثاء لقوله تعالى : " أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " ( البقرة - 161 ) ، وهذا يشهد للكثرة ، أي : مرة بعد مرة . قوله - عز وجل - : ( ياأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا ) فطهره الله مما قالوا : ( وكان عند الله وجيها ) كريما ذا جاه ، يقال : وجه الرجل يوجه وجاهة فهو وجيه ، إذا كان ذا جاه وقدر .

قال ابن عباس : كان حظيا عند الله لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه .

وقال الحسن : كان مستجاب الدعوة .

وقيل : كان محببا مقبولا .

واختلفوا فيما أوذي به موسى :

فأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا عوف ، عن الحسن ومحمد وخلاس ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يرى من جلده شيء استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا ما يتستر هذا التستر إلا من عيب بجلده ، إما برص أو أدرة وإما آفة ، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا ، فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ، ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه ، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر ، فجعل يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل ، [ ص: 379 ] فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله ، وأبرأه مما يقولون ، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه ، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا " فذلك قوله - عز وجل - : " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها .

وقال قوم : إيذاؤهم إياه أنه لما مات هارون في التيه ادعوا على موسى أنه قتله ، فأمر الله الملائكة حتى مروا به على بني إسرائيل فعرفوا أنه لم يقتله ، فبرأه الله مما قالوا .

وقال أبو العالية : هو أن قارون استأجر مومسة لتقذف موسى بنفسها على رأس الملإ فعصمها الله وبرأ موسى من ذلك ، وأهلك قارون .

أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو الوليد ، أخبرنا شعبة ، عن الأعمش قال : سمعت أبا وائل قال : سمعت عبد الله قال : قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قسما ، فقال رجل : إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ، ثم قال : " يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر "

التالي السابق


الخدمات العلمية