[ ص: 406 ] (
قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ( 49 )
قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب ( 50 )
ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب ( 51 )
وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ( 52 ) )
(
قل جاء الحق ) يعني : القرآن والإسلام (
وما يبدئ الباطل وما يعيد ) أي : ذهب الباطل وزهق فلم يبق منه بقية يبدئ شيئا أو يعيد ، كما قال تعالى : "
بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه " ( الأنبياء - 48 ) ، وقال
قتادة : " الباطل " هو إبليس ، وهو قول
مقاتل والكلبي ، وقيل : " الباطل " : الأصنام . (
قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ) وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له : إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك ، فقال الله تعالى : (
قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ) أي : إثم ضلالتي على نفسي (
وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي ) من القرآن والحكمة (
إنه سميع قريب ولو ترى إذ فزعوا ) قال
قتادة عند البعث حين يخرجون من قبورهم ) ( فلا فوت ) أي : فلا يفوتونني كما قال : "
ولات حين مناص " ( ص - 3 ) ، وقيل : إذ فزعوا فلا فوت ولا نجاة (
وأخذوا من مكان قريب ) قال
الكلبي من تحت أقدامهم ، وقيل : أخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها ، وحيثما كانوا فهم من الله قريب ، لا يفوتونه . وقيل : من مكان قريب يعني عذاب الدنيا . وقال
الضحاك : يوم بدر . وقال ابن أبزى : خسفوا بالبيداء ، وفي الآية حذف تقديره : ولو ترى إذ فزعوا لرأيت أمرا تعتبر به . (
وقالوا آمنا به ) حين عاينوا العذاب ، قيل : عند اليأس . وقيل : عند البعث . ) ( وأنى ) من أين (
لهم التناوش ) قرأ
أبو عمرو ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو بكر : التناوش بالمد والهمزة ، وقرأ الآخرون بواو صافية من غير مد ولا همز ، ومعناه التناول ، أي : كيف لهم تناول ما بعد عنهم ، وهو الإيمان والتوبة ، وقد كان قريبا في الدنيا فضيعوه ، ومن همز قيل : معناه هذا أيضا .
[ ص: 407 ]
وقيل التناوش بالهمزة من النبش وهو حركة في إبطاء ، يقال : جاء نبشا أي : مبطئا متأخرا ، والمعنى من أين لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه ، وعن
ابن عباس قال : يسألون الرد إلى الدنيا فيقال وأنى لهم الرد إلى الدنيا .
(
من مكان بعيد ) أي : من الآخرة إلى الدنيا .