(
والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ( 9 )
من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور ( 10 ) )
)
( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ) من القبور . قوله - عز وجل - : (
من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) قال
الفراء : معنى الآية من كان يريد أن يعلم لمن العزة فلله العزة جميعا .
وقال
قتادة : من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله معناه الدعاء إلى طاعة من له العزة ، أي : فليطلب العزة من عند الله بطاعته ، كما يقال : من كان يريد المال فالمال لفلان ، أي : فليطلبه من عنده ، وذلك أن الكفار عبدوا الأصنام وطلبوا به التعزيز كما قال الله : "
واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا " ( مريم - 81 ) ، وقال : "
الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا " ( النساء - 139 ) .
) ( إليه ) أي : إلى الله (
يصعد الكلم الطيب ) وهو قوله لا إله إلا الله ، وقيل : هو قول الرجل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
أبو منصور السمعاني ، أخبرنا
أبو جعفر الرياني ، أخبرنا
حميد بن زنجويه ، أخبرنا
الحجاج بن نصر ، أخبرنا
المسعودي عن
عبد الله بن المخارق ، عن أبيه ، عن
ابن مسعود قال : إذا حدثتكم حديثا أنبأتكم بمصداقه من كتاب الله - عز وجل - : ما من عبد مسلم يقول خمس كلمات : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، وتبارك الله ، إلا أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه ثم صعد بهن فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى
[ ص: 415 ] يحيي بها وجه رب العالمين ، ومصداقه من كتاب الله - عز وجل - قوله : (
إليه يصعد الكلم الطيب ) ذكره
ابن مسعود .
وقيل : " الكلم الطيب " : ذكر الله . وعن
قتادة : "
إليه يصعد الكلم الطيب " أي : يقبل الله الكلم الطيب .
قوله - عز وجل - : (
والعمل الصالح يرفعه ) أي : يرفع العمل الصالح الكلم الطيب ، فالهاء في قوله يرفعه راجعة إلى الكلم الطيب ، وهو قول
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والحسن ،
وعكرمة ، وأكثر المفسرين .
وقال
الحسن وقتادة : الكلم الطيب ذكر الله والعمل الصالح أداء فرائضه ، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله ،
وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال ، فمن قال حسنا وعمل غير صالح رد الله عليه قوله ، ومن قال حسنا وعمل صالحا يرفعه العمل ذلك بأن الله يقول : (
إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) وجاء في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815418لا يقبل الله قولا إلا بعمل ولا قولا ولا عملا إلا بنية " .
وقال قوم : الهاء في قوله " يرفعه " راجعة إلى العمل الصالح أي : الكلم الطيب يرفع العمل الصالح ، فلا يقبل عمل إلا أن يكون صادرا عن التوحيد ، وهذا معنى قول
الكلبي ومقاتل .
وقيل : الرفع من صفة الله - عز وجل - معناه : العمل الصالح يرفعه الله - عز وجل - .
وقال
سفيان بن عيينة : العمل الصالح هو الخالص ، يعني أن
الإخلاص سبب قبول الخيرات من الأقوال والأفعال ، دليله قوله - عز وجل - : "
فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا " ( الكهف - 110 ) ، فجعل نقيض الصالح الشرك والرياء (
والذين يمكرون السيئات ) قال
الكلبي : أي : الذين يعملون السيئات . وقال
مقاتل : يعني الشرك . وقال
أبو العالية : يعني الذين مكروا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دار الندوة ، كما قال الله تعالى : "
وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك " ( الأنفال - 30 ) .
[ ص: 416 ]
وقال
مجاهد :
nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب : هم أصحاب الرياء .
(
لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور ) يبطل ويهلك في الآخرة .