(
والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ( 11 )
وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ( 12 ) )
قوله - عز وجل - : (
والله خلقكم من تراب ) أي :
آدم (
ثم من نطفة ) يعني : نسله (
ثم جعلكم أزواجا ) ذكرانا وإناثا (
وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ) لا يطول عمره (
ولا ينقص من عمره ) يعني : من عمر آخر ، كما يقال لفلان عندي درهم ونصفه أي : نصف درهم آخر (
إلا في كتاب ) وقيل : قوله : " ولا ينقص من عمره " منصرف إلى الأول ، قال
سعيد بن جبير : مكتوب في أم الكتاب عمر فلان كذا وكذا سنة ثم يكتب أسفل من ذلك ذهب يوم ذهب يومان ذهب ثلاثة أيام حين ينقطع عمره .
وقال
كعب الأحبار حين حضر
عمر رضي الله عنه الوفاة : والله لو دعا
عمر ربه أن يؤخر أجله لأخر ، فقيل له إن الله - عز وجل - يقول : "
فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " ( الأعراف - 34 ) فقال : هذا إذا حضر الأجل فأما قبل ذلك فيجوز أن يزاد وينقص ، وقرأ هذه الآية (
إن ذلك على الله يسير ) أي : كتابة الآجال والأعمال على الله هين . قوله - عز وجل - : (
وما يستوي البحران ) يعني : العذب والمالح ، ثم ذكرهما فقال : (
هذا عذب فرات ) طيب (
سائغ شرابه ) أي : جائز في الحلق هنيء (
وهذا ملح أجاج ) شديد الملوحة . وقال
الضحاك : هو المر . (
ومن كل تأكلون لحما طريا ) يعني : الحيتان من العذب والمالح جميعا (
وتستخرجون حلية ) أي : من المالح دون العذب ) ( تلبسونها ) يعني اللؤلؤ . وقيل : نسب اللؤلؤ
[ ص: 417 ] إليهما ، لأنه يكون في البحر الأجاج عيون عذبة تمتزج بالملح فيكون اللؤلؤ من بين ذلك (
وترى الفلك فيه مواخر ) جواري مقبلة ومدبرة بريح واحدة (
لتبتغوا من فضله ) بالتجارة (
ولعلكم تشكرون ) الله على نعمه .