( (
إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز ( 41 )
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ( 42 )
ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم ( 43 )
ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ( 44 ) )
(
إن الذين كفروا بالذكر ) بالقرآن ، (
لما جاءهم ) ثم أخذ في وصف الذكر وترك جواب : " إن الذين كفروا " على تقدير : الذين كفروا بالذكر يجازون بكفرهم . وقيل : خبره قوله من بعد : " أولئك ينادون من مكان بعيد " . (
وإنه لكتاب عزيز ) قال
الكلبي عن
ابن عباس - رضي الله عنهما - : كريم على الله . قال
قتادة : أعزه الله عز وجل عزا فلا يجد الباطل إليه سبيلا .
وهو قوله : (
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) قال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : الباطل : هو الشيطان ، لا يستطيع أن يغيره أو يزيد فيه أو ينقص منه .
قال
الزجاج : معناه أنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه . وعلى هذا معنى : " الباطل " الزيادة والنقصان .
وقال
مقاتل : لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله ، ولا يجيء من بعده كتاب فيبطله . . (
تنزيل من حكيم حميد ) ثم عزى نبيه - صلى الله عليه وسلم - على تكذيبهم
فقال : (
ما يقال لك ) من الأذى ، (
إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ) يقول : إنه قد قيل للأنبياء والرسل قبلك : ساحر ، كما يقال لك وكذبوا كما كذبت . (
إن ربك لذو مغفرة ) لمن تاب وآمن بك (
وذو عقاب أليم ) لمن أصر على التكذيب .
(
ولو جعلناه ) أي : جعلنا هذا الكتاب الذي تقرؤه على الناس ، (
قرآنا أعجميا ) بغير
[ ص: 177 ] لغة العرب ، (
لقالوا لولا فصلت آياته ) هلا بينت آياته بالعربية حتى نفهمها . (
أأعجمي وعربي ) يعني : أكتاب أعجمي ورسول عربي ؟ وهذا استفهام على وجه الإنكار . أي : أنهم كانوا يقولون : المنزل عليه عربي والمنزل أعجمي .
قال
مقاتل : وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل على
يسار غلام عامر بن الحضرمي ، وكان يهوديا أعجميا يكنى أبا فكيهة ، فقال المشركون : إنما يعلمه
يسار فضربه سيده ، وقال : إنك تعلم
محمدا ، فقال
يسار : هو يعلمني ، فأنزل الله تعالى هذه الآية :
(
قل ) يا
محمد ، (
هو ) يعني : القرآن ، (
للذين آمنوا هدى وشفاء )
هدى من الضلالة وشفاء لما في القلوب ، وقيل : شفاء من الأوجاع .
(
والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى ) قال
قتادة : عموا عن القرآن وصموا عنه فلا ينتفعون به . (
أولئك ينادون من مكان بعيد ) أي : أنهم لا يسمعون ولا يفهمون كما أن من دعي من مكان بعيد لم يسمع ولم يفهم ، وهذا مثل لقلة انتفاعهم بما يوعظون به كأنهم ينادون من حيث لا يسمعون .