[ ص: 190 ] (
أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ( 21 )
ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ( 22 )
ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور ( 23 ) )
قوله عز وجل : (
أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) يعني كفار
مكة . يقول : أم لهم آلهة سنوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ؟
قال
ابن عباس - رضي الله عنهما - : شرعوا لهم دينا غير دين الإسلام .
(
ولولا كلمة الفصل ) لولا أن الله حكم في كلمة الفصل بين الخلق بتأخير العذاب عنهم إلى يوم القيامة حيث قال : " بل الساعة موعدهم " ( القمر - 46 ) ، (
لقضي بينهم ) لفرغ من عذاب الذين يكذبونك في الدنيا ، (
وإن الظالمين ) المشركين ، (
لهم عذاب أليم ) في الآخرة .
(
ترى الظالمين ) المشركين يوم القيامة ، (
مشفقين ) وجلين (
مما كسبوا وهو واقع بهم ) جزاء كسبهم واقع بهم . (
والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ) .
(
ذلك الذي ) ذكرت من نعيم الجنة (
يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنهم أهله (
قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) .
أخبرنا
عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، عن
عبد الملك بن ميسرة قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا عن
ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن قوله : " إلا المودة في القربى " قال
سعيد بن جبير : قربى آل
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فقال
ابن عباس - رضي الله عنهما - : عجلت ، إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بطن من
قريش إلا كان له فيهم قرابة ، فقال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة .
وكذلك روى
الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس عن
ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : " إلا المودة في القربى "
[ ص: 191 ] يعني : أن تحفظوا قرابتي وتودوني وتصلوا رحمي . وإليه ذهب
مجاهد ،
وقتادة ، وعكرمة ،
ومقاتل ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
والضحاك - رضي الله عنهم - .
وقال
عكرمة : لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجرا إلا أن تحفظوني في قرابتي بيني وبينكم ، وليس كما يقول الكذابون .
وروى
ابن أبي نجيح عن
مجاهد عن
ابن عباس في معنى الآية : إلا أن تودوا الله وتتقربوا إليه بطاعته ، وهذا قول
الحسن قال : هو القربى إلى الله ، يقول : إلا التقرب إلى الله والتودد إليه بالطاعة والعمل الصالح .
وقال بعضهم : معناه إلا أن تودوا قرابتي وعترتي وتحفظوني فيهم ، وهو قول
سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16709وعمرو بن شعيب .
واختلفوا في
قرابته قيل : هم
فاطمة وعلي وأبناؤهما ، وفيهم نزل : "
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " ( الأحزاب - 33 ) .
وروينا عن
يزيد بن حيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم عن
nindex.php?page=hadith&LINKID=815507النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي " ، قيل
nindex.php?page=showalam&ids=68لزيد بن أرقم : من أهل بيته ؟ قال : هم آل
علي وآل
عقيل وآل
جعفر وآل
عباس .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، حدثنا
عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا
خالد ، حدثنا
شعبة عن
واقد قال : سمعت أبي يحدث عن
ابن عمر عن
أبي بكر قال : ارقبوا
محمدا في أهل بيته .
وقيل : هم الذين تحرم عليهم الصدقة من أقاربه ويقسم فيهم الخمس ، وهم
بنو هاشم ،
وبنو المطلب ، الذين لم يتفرقوا في جاهلية ولا في إسلام .
وقال قوم : هذه الآية منسوخة وإنما نزلت
بمكة ، وكان المشركون يؤذون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله هذه الآية فأمرهم فيها بمودة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلة رحمه ، فلما هاجر إلى
المدينة وآواه
[ ص: 192 ] الأنصار ونصروه أحب الله - عز وجل - أن يلحقه بإخوانه من الأنبياء - عليهم السلام - حيث قالوا : "
وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين " ( الشعراء - 109 ) فأنزل الله تعالى : " قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله " فهي منسوخة بهذه الآية ، وبقوله : "
قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين " ( الزمر - 86 ) ، وغيرها من الآيات . وإلى هذا ذهب
الضحاك بن مزاحم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14127والحسين بن الفضل .
وهذا قول غير مرضي ; لأن
مودة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكف الأذى عنه ومودة أقاربه ، والتقرب إلى الله بالطاعة والعمل الصالح من فرائض الدين ، وهذه أقاويل السلف في معنى الآية ، فلا يجوز المصير إلى نسخ شيء من هذه الأشياء .
وقوله : " إلا المودة في القربى " ، ليس باستثناء متصل بالأول حتى يكون ذلك أجرا في مقابلة أداء الرسالة ، بل هو منقطع ، ومعناه : ولكني أذكركم المودة في القربى وأذكركم قرابتي منكم ، كما روينا في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815508أذكركم الله في أهل بيتي " .
قوله عز وجل : (
ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ) أي : من يزد طاعة نزد له فيها حسنا بالتضعيف ، (
إن الله غفور ) للذنوب ، (
شكور ) للقليل حتى يضاعفها .