صفحة جزء
[ ص: 200 ] ( فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور ( 48 ) لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ( 49 ) أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير ( 50 ) وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ( 51 ) )

( فإن أعرضوا ) عن الإجابة ، ( فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك ) ما عليك ، ( إلا البلاغ وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة ) قال ابن عباس : يعني الغنى والصحة . ( فرح بها وإن تصبهم سيئة ) قحط ، ( بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور ) أي : لما تقدم من نعمة الله عليه ، ينسى ويجحد بأول شدة جميع ما سلف من النعم .

( لله ملك السماوات والأرض ) له التصرف فيهما بما يريد ، ( يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ) فلا يكون له ولد ذكر . قيل : من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر ؛ لأن الله تعالى بدأ بالإناث . ( ويهب لمن يشاء الذكور ) فلا يكون له أنثى .

( أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ) يجمع له بينهما فيولد له الذكور والإناث . ( ويجعل من يشاء عقيما ) فلا يلد ولا يولد له . قيل : هذا في الأنبياء - عليهم السلام - ( يهب لمن يشاء إناثا ) يعني : لوطا لم يولد له ذكر إنما ولد له ابنتان ، ( ويهب لمن يشاء الذكور ) يعني : إبراهيم عليه السلام لم يولد له أنثى ، ( أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ) يعني : محمدا - صلى الله عليه وسلم - ولد له بنون وبنات ، ( ويجعل من يشاء عقيما ) يحيى وعيسى عليهما السلام لم يولد لهما ، وهذا على وجه التمثيل . والآية عامة في حق كافة الناس . ( إنه عليم قدير ) .

قوله عز وجل : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا ) وذلك أن اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر إليه ؟ فقال : لم ينظر موسى إلى الله - عز وجل - فأنزل الله تعالى : " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا " يوحي إليه في المنام أو بالإلهام ، ( أو من وراء حجاب ) يسمعه كلامه ولا يراه ، كما كلمه موسى عليه الصلاة والسلام . [ ص: 201 ] ( أو يرسل رسولا ) إما جبريل أو غيره من الملائكة ، ( فيوحي بإذنه ما يشاء ) أي : يوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن الله ما يشاء .

قرأ نافع : " أو يرسل " برفع اللام على الابتداء ، " فيوحي " ساكنة الياء ، وقرأ الآخرون بنصب اللام والياء عطفا على محل الوحي لأن معناه : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي إليه أو يرسل رسولا . ( إنه علي حكيم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية