[ ص: 245 ] (
أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ( 23 )
وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ( 24 ) )
(
أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) قال
ابن عباس والحسن وقتادة : ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه ، فلا يهوى شيئا إلا ركبه لأنه لا يؤمن بالله ولا يخافه ، ولا يحرم ما حرم الله . وقال آخرون : معناه اتخذ معبوده هواه فيعبد ما تهواه نفسه .
قال
سعيد بن جبير : كانت العرب يعبدون الحجارة والذهب والفضة ، فإذا وجدوا شيئا أحسن من الأول رموه أو كسروه ، وعبدوا الآخر .
قال
الشعبي : إنما سمي الهوى لأنه يهوي بصاحبه في النار .
(
وأضله الله على علم ) منه بعاقبة أمره ، وقيل على ما سبق في علمه أنه ضال قبل أن يخلقه ( وختم ) طبع (
على سمعه ) فلم يسمع الهدى ( وقلبه ) فلم يعقل الهدى (
وجعل على بصره غشاوة ) قرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " غشوة " بفتح الغين وسكون الشين ، والباقون " غشاوة " ظلمة فهو لا يبصر الهدى (
فمن يهديه من بعد الله ) [ أي فمن يهديه ] بعد أن أضله الله (
أفلا تذكرون ) .
( وقالوا ) يعني منكري البعث (
ما هي إلا حياتنا الدنيا ) أي ما الحياة إلا حياتنا الدنيا (
نموت ونحيا ) أي يموت الآباء ويحيا الأبناء ، وقال
الزجاج : يعني نموت ونحيا ، فالواو للاجتماع (
وما يهلكنا إلا الدهر ) أي وما يفنينا إلا مر الزمان وطول العمر واختلاف الليل والنهار . (
وما لهم بذلك ) الذي قالوه ( من علم ) أي لم يقولوه عن علم [ علموه ] (
إن هم إلا يظنون ) .
أخبرنا
أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، أخبرنا
أبو طاهر محمد بن محمد محمش الزيادي ، أخبرنا
أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا
أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي ، حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة - رضي الله عنه - ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815538قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله تعالى : لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر ، أرسل الليل والنهار ، فإذا شئت قبضتهما " .
[ ص: 246 ]
أخبرنا
أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، حدثنا جدي
عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أخبرنا
محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا
إسحاق بن إبراهيم الدبري ، حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر ، عن
أيوب عن
ابن سيرين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815539قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يسب أحدكم الدهر [ فإن الله هو الدهر ] ، ولا يقولن للعنب الكرم ، فإن الكرم هو الرجل المسلم " .
ومعنى الحديث : أن العرب كان من شأنهم ذم الدهر ، وسبه عند النوازل ، لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره ، فيقولون : أصابتهم قوارع الدهر ، وأبادهم الدهر ، كما أخبر الله تعالى عنهم : " وما يهلكنا إلا الدهر " فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها ، فكان مرجع سبهم إلى الله - عز وجل - ، إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يضيفونها إلى الدهر ، [ فنهوا عن
سب الدهر ] .