(
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ( 33 )
إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ( 34 )
فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ( 35 )
إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ( 36 ) )
(
( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ) قال
عطاء : بالشك والنفاق ، وقال
الكلبي : بالرياء والسمعة . وقال
الحسن : بالمعاصي والكبائر .
وقال
أبو العالية : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل ، فنزلت هذه الآية فخافوا الكبائر بعده أن تحبط الأعمال .
وقال
مقاتل : لا تمنوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبطلوا أعمالكم ، نزلت في
بني أسد ، وسنذكره في سورة الحجرات إن شاء الله تعالى .
(
إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ) قيل : هم أصحاب القليب . وحكمها عام .
(
فلا تهنوا ) لا تضعفوا (
وتدعوا إلى السلم ) أي لا تدعوا إلى الصلح ابتداء ، منع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح ، وأمرهم بحربهم حتى يسلموا (
وأنتم الأعلون ) الغالبون ، قال
الكلبي : آخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات (
والله معكم ) بالعون والنصرة (
ولن يتركم أعمالكم ) لن ينقصكم شيئا من ثواب أعمالكم ، يقال : وتره يتره وترا وترة : إذا نقص حقه ، قال
ابن عباس ،
وقتادة ،
ومقاتل ، والضحاك : لن يظلمكم أعمالكم الصالحة بل يؤتيكم أجورها . ثم حض على طلب الآخرة فقال :
(
إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) باطل وغرور (
وإن تؤمنوا وتتقوا ) الفواحش ،
[ ص: 291 ] (
يؤتكم أجوركم ) جزاء أعمالكم في الآخرة (
ولا يسألكم ) ربكم ( أموالكم ) لإيتاء الأجر بل يأمركم بالإيمان والطاعة ليثيبكم عليها الجنة ، نظيره قوله : "
ما أريد منهم من رزق " ( الذاريات - 57 ) ، وقيل : لا يسألكم
محمد أموالكم ، نظيره : "
قل ما أسألكم عليه من أجر " ( الفرقان - 57 ) .
وقيل : معنى الآية : لا يسألكم الله ورسوله أموالكم كلها في الصدقات ، إنما يسألانكم غيضا من فيض ، ربع العشر فطيبوا بها نفسا . وإلى هذا القول ذهب
ابن عيينة ، يدل عليه سياق الآية :