(
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ( 28 )
محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ( 29 ) )
(
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ) على أنك نبي صادق فيما تخبر .
(
محمد رسول الله ) تم الكلام هاهنا ، قاله
ابن عباس ، شهد له بالرسالة ، ثم قال مبتدئا : ( والذين معه ) فالواو فيه للاستئناف ، أي : والذين معه من المؤمنين (
أشداء على الكفار ) غلاظ عليهم كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة (
رحماء بينهم ) متعاطفون متوادون بعضهم
[ ص: 324 ] لبعض ، كالولد مع الوالد ، كما قال : "
أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " : ( المائدة - 54 ) : (
تراهم ركعا سجدا ) أخبر عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها ( يبتغون فضلا من الله ) أن يدخلهم الجنة ( ورضوانا ) أن يرضى عنهم ( سيماهم ) أي علامتهم (
في وجوههم من أثر السجود ) اختلفوا في هذه السيما : فقال قوم : هو نور وبياض في وجوههم يوم القيامة يعرفون به أنهم سجدوا في الدنيا ، وهو رواية
عطية العوفي عن
ابن عباس ، قال
عطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس : استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب : تكون مواضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر .
وقال آخرون : هو السمت الحسن والخشوع والتواضع . وهو رواية
الوالبي عن
ابن عباس قال : ليس بالذي ترون لكنه سيماء الإسلام وسجيته وسمته وخشوعه . وهو قول
مجاهد ، والمعنى : أن السجود أورثهم الخشوع والسمت الحسن الذي يعرفون به .
وقال
الضحاك : هو صفرة الوجه من السهر .
وقال
الحسن : إذا رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى .
قال
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : هو أثر التراب على الجباه .
قال
أبو العالية : إنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس .
( ذلك ) الذي ذكرت ( مثلهم ) صفتهم ( في التوراة ) هاهنا تم الكلام ، ثم ذكر نعتهم في الإنجيل ، فقال : ( ومثلهم ) صفتهم (
في الإنجيل كزرع أخرج شطأه ) قرأ
ابن كثير ،
وابن عامر : " شطأه " بفتح الطاء ، وقرأ الآخرون بسكونها ، وهما لغتان كالنهر والنهر ، وأراد أفراخه ، يقال : أشطأ الزرع فهو مشطئ ، إذا أفرخ ، قال
مقاتل : هو نبت واحد ، فإذا خرج ما بعده فهو شطؤه .
[ ص: 325 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : هو أن يخرج معه الطاقة الأخرى .
قوله : ( فآزره ) قرأ
ابن عامر : " فأزره " بالقصر والباقون بالمد ، أي : قواه وأعانه وشد أزره ( فاستغلظ ) غلظ ذلك الزرع ( فاستوى ) أي تم وتلاحق نباته وقام ( على سوقه ) أصوله (
يعجب الزراع ) أعجب ذلك زراعه .
هذا مثل ضربه الله - عز وجل - لأصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل [ أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون .
قال
قتادة : مثل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإنجيل ] مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
وقيل : " الزرع "
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، و " الشطء " : أصحابه والمؤمنون .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة عن
الحسن قال : "
محمد رسول الله والذين معه " :
أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ، " أشداء على الكفار "
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، " رحماء بينهم "
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، " تراهم ركعا سجدا "
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، " يبتغون فضلا من الله " بقية العشرة المبشرين بالجنة .
وقيل : " كمثل زرع "
محمد ، " أخرج شطأه "
أبو بكر " فآزره "
عمر " فاستغلظ "
عثمان ، للإسلام " فاستوى على سوقه "
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب استقام الإسلام بسيفه ، " يعجب الزراع " قال : هم المؤمنون .
(
ليغيظ بهم الكفار ) قول
عمر لأهل مكة بعدما أسلم : لا تعبدوا الله سرا بعد اليوم .
حدثنا
أبو حامد أحمد بن محمد الشجاعي السرخسي إملاء ، أخبرنا
أبو بكر عبد الله بن أحمد القفال ، حدثنا
أبو أحمد عبد الله بن محمد الفضل السمرقندي ، حدثنا شيخي
أبو عبد الله محمد بن الفضل البلخي ، حدثنا
أبو رجاء قتيبة بن سعيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن
عبد الرحمن بن حميد ، عن أبيه ، عن
عبد الرحمن بن عوف : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815601 " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن [ ص: 326 ] بن عوف في الجنة ، nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، nindex.php?page=showalam&ids=85وسعيد بن زيد في الجنة nindex.php?page=showalam&ids=5وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة " .
حدثنا
أبو المظفر محمد بن أحمد التميمي ، أخبرنا
أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن قاسم حدثنا
خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي ، حدثنا
أحمد بن هاشم الأنطاكي ، حدثنا
قطبة بن العلاء ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
خالد الحذاء ، عن
أبي قلابة ، عن
أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815602أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأفرضهم زيد ، وأقرؤهم أبي ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " .
ورواه
معمر عن
قتادة مرسلا وفيه : " وأقضاهم
علي " .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، حدثنا
معلى بن أسد ، حدثنا
عبد العزيز المختار قال
خالد الحذاء ، حدثنا عن
أبي عثمان قال حدثني
عمرو بن العاص nindex.php?page=hadith&LINKID=815603أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه على جيش ذات السلاسل قال : فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة ، فقلت : من الرجال ؟ فقال : أبوها ، قلت : ثم من ؟ قال : nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فعد رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم .
أخبرنا
أبو منصور عبد الملك وأبو الفتح نصر ، ابنا
علي بن أحمد بن منصور ومحمد بن الحسين بن شاذويه الطوسي بها قالا حدثنا
أبو الحسن محمد بن يعقوب ، أخبرنا
الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي ، حدثنا
أبو إسحاق إبراهيم بن شريك الأسدي ، حدثنا
إبراهيم بن إسماعيل هو ابن يحيى بن سلمة بن كهيل ، حدثنا أبي عن أبيه عن
سلمة عن
أبي الزعراء عن
ابن مسعود [ ص: 327 ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815604اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي : أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود " .
أخبرنا
أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا
أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14642إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14386أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر عن
أبي حازم ، عن
سهل بن سعد أن
أحدا ارتج وعليه النبي - صلى الله عليه وسلم -
وأبو بكر وعثمان ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815605اثبت أحد ما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد " .
أخبرنا
أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا
أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، حدثنا
أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، حدثنا
أبو سعيد الأشج ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
الأعمش ، عن
عدي بن ثابت ، عن
زر بن حبيش ، عن
علي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815606عهد إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق .
حدثنا
أبو المظفر التميمي ، أخبرنا
عبد الرحمن بن عثمان ، أخبرنا
خيثمة بن سليمان ، حدثنا
محمد بن عيسى بن حيان المدائني ، حدثنا
محمد بن الفضل بن عطية ، عن
عبد الله بن مسلم عن
ابن بريدة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
من مات من أصحابي بأرض كان نورهم وقائدهم يوم القيامة " .
قوله - عز وجل - : (
ليغيظ بهم الكفار ) أي إنما كثرهم وقواهم ليكونوا غيظا للكافرين .
[ ص: 328 ]
قال
مالك بن أنس : من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد أصابته هذه الآية .
أخبرنا
أبو الطيب طاهر بن محمد بن العلاء البغوي ، حدثنا
أبو معمر الفضل بن إسماعيل بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرنا جدي
أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرني
الهيثم بن خلف الدوري ، حدثنا
المفضل بن غسان بن المفضل العلائي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا
عبيدة بن أبي رابطة عن
عبد الرحمن بن زياد عن
nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل المزني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=815608الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ، الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه " .
حدثنا
أبو المظفر بن محمد بن أحمد بن حامد التميمي ، أخبرنا
أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ، أخبرنا
أبو الحسن خيثمة بن سليمان ، حدثنا
إبراهيم بن عبد الله العبسي القصار بالكوفة ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع بن الجراح ، عن
الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=814816لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن الحسين الزعفراني ، حدثنا
أبو محمد عبد الله بن عروة ، حدثنا
محمد بن الحسين بن محمد بن إشكاب ، حدثنا
شبابة بن سوار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16796فضيل بن مرزوق عن
أبي خباب عن
أبي سليم الهمداني ، عن أبيه ، عن
علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
إن سرك أن تكون من أهل الجنة فإن قوما يتنحلون حبك يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، [ ص: 329 ] نبزهم الرافضة ، فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون " ، في إسناد هذا الحديث نظر .
قول الله - عز وجل - : (
وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ) قال
ابن جرير : يعني من الشطء الذي أخرجه الزرع ، وهم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة ، ورد الهاء والميم على معنى الشطء لا على لفظه ، ولذلك لم يقل : " منه " ( مغفرة وأجرا عظيما ) يعني الجنة .