(
من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ( 33 )
ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ( 34 )
لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ( 35 )
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص ( 36 )
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ( 37 ) )
(
من خشي الرحمن بالغيب ) محل " من " جر على نعت الأواب . ومعنى الآية : من خاف الرحمن وأطاعه بالغيب ولم يره . وقال
الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : يعني في الخلوة حيث لا يراه أحد . قال
الحسن : إذا أرخى الستر وأغلق الباب . (
وجاء بقلب منيب ) مخلص مقبل إلى طاعة الله .
( ادخلوها ) [ أي : يقال لأهل هذه الصفة : ادخلوها ] أي ادخلوا الجنة ( بسلام ) بسلامة من العذاب والهموم . وقيل بسلام من الله وملائكته عليهم . وقيل : بسلامة من زوال النعم (
ذلك يوم الخلود ) .
(
لهم ما يشاءون فيها ) وذلك أنهم يسألون الله تعالى حتى تنتهي مسألتهم فيعطون ما شاءوا ، ثم يزيدهم الله من عنده ما لم يسألوه ، وهو قوله : (
ولدينا مزيد ) يعني الزيادة لهم في النعيم ما لم يخطر ببالهم . وقال
جابر وأنس : هو
النظر إلى وجه الله الكريم .
قوله - عز وجل - : (
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد ) ضربوا وساروا وتقلبوا وطافوا ، وأصله من النقب ، وهو الطريق كأنهم سلكوا كل طريق (
هل من محيص ) فلم يجدوا محيصا من أمر الله . وقيل : " هل من محيص " مفر من الموت ؟ فلم يجدوا [ منه مفرا ، وهذا إنذار ]
لأهل مكة وأنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفرا عن الموت يموتون ، فيصيرون إلى عذاب الله .
( إن في ذلك ) فيما ذكرت من العبر وإهلاك القرى ( لذكرى ) تذكرة وعظة (
لمن كان له قلب )
[ ص: 364 ] قال
ابن عباس : أي عقل . قال
الفراء : هذا جائز في العربية ، تقول : ما لك قلب ، وما قلبك معك ، أي ما عقلك معك ، وقيل : له قلب حاضر مع الله . (
أو ألقى السمع ) استمع القرآن ، واستمع ما يقال له ، لا يحدث نفسه بغيره ، تقول العرب : ألق إلي سمعك ، أي استمع (
وهو شهيد ) أي حاضر القلب ليس بغافل ولا ساه .