[ ص: 378 ] (
وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين ( 38 )
فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون ( 39 )
فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم ( 40 )
وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ( 41 )
ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ( 42 )
وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين ( 43 )
فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون ( 44 )
فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين ( 45 ) )
(
وفي موسى ) أي : وتركنا في إرسال
موسى آية وعبرة . وقيل : هو معطوف على قوله : "
وفي الأرض آيات للموقنين " ، [ وفي موسى ] (
إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين ) بحجة ظاهرة .
( فتولى ) فأعرض وأدبر عن الإيمان ( بركنه ) أي بجمعه وجنوده الذين كانوا يتقوى بهم ، كالركن الذي يقوى به البنيان ، نظيره : " أو آوي إلى ركن شديد " ( هود - 80 (
وقال ساحر أو مجنون ) قال
أبو عبيدة : " أو " بمعنى الواو .
(
فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ) أغرقناهم فيه (
وهو مليم ) أي : آت بما يلام عليه من دعوى الربوبية وتكذيب الرسول .
(
وفي عاد ) أي : وفي إهلاك عاد أيضا آية (
إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ) وهي التي لا خير فيها ولا بركة ولا تلقح شجرا ولا تحمل مطرا .
(
ما تذر من شيء أتت عليه ) من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم (
إلا جعلته كالرميم ) كالشيء الهالك البالي ، وهو نبات الأرض إذا يبس وديس . قال
مجاهد : كالتبن اليابس . قال
قتادة : كرميم الشجر . قال
أبو العالية : كالتراب المدقوق . وقيل : أصله من العظم البالي .
(
وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين ) يعني وقت فناء آجالهم ، وذلك أنهم لما عقروا الناقة قيل لهم : تمتعوا ثلاثة أيام .
(
فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة ) يعني بعد مضي الأيام الثلاثة ، وهي الموت في قول
ابن عباس ، قال
مقاتل : يعني العذاب ، و " الصاعقة " : كل عذاب مهلك ، وقرأ
الكسائي : " الصعقة " ، وهي الصوت الذي يكون من الصاعقة (
وهم ينظرون ) يرون ذلك عيانا .
[ ص: 379 ] (
فما استطاعوا من قيام ) فما قاموا بعد نزول العذاب بهم ولا قدروا على نهوض . قال
قتادة : لم ينهضوا من تلك الصرعة (
وما كانوا منتصرين ) ممتنعين منا . قال
قتادة : ما كانت عندهم قوة يمتنعون بها من الله .