[ ص: 392 ] أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون ( 33 )
فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ( 34 )
أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ( 35 )
أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ( 36 )
أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ( 37 ) )
(
أم يقولون تقوله ) أي : يخلق القرآن من تلقاء نفسه ، " والتقول " ، تكلف القول ، ولا يستعمل إلا في الكذب ، ليس الأمر كما زعموا (
بل لا يؤمنون ) بالقرآن استكبارا . ثم ألزمهم الحجة فقال : (
فليأتوا بحديث مثله ) أي : مثل القرآن ونظمه وحسن بيانه (
إن كانوا صادقين ) أن
محمدا يقوله من قبل نفسه .
(
أم خلقوا من غير شيء ) قال
ابن عباس : من غير رب ، ومعناه : أخلقوا من غير شيء خلقهم فوجدوا بلا خالق ؟ وذلك مما لا يجوز أن يكون ، لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الاسم ، فإن أنكروا الخالق لم يجز أن يوجدوا بلا خالق (
أم هم الخالقون ) لأنفسهم وذلك في البطلان أشد ، لأن ما لا وجود له كيف يخلق ؟
فإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقا فليؤمنوا به ، ذكر هذا المعنى
أبو سليمان الخطابي .
وقال
الزجاج : معناه : أخلقوا باطلا لا يحاسبون ولا يؤمرون ؟ وقال
ابن كيسان : أخلقوا عبثا وتركوا سدى لا يؤمرون ولا ينهون ، فهو كقول القائل : فعلت كذا وكذا من غير شيء أي : لغير شيء ، أم هم الخالقون لأنفسهم فلا يجب عليهم لله أمر ؟
(
أم خلقوا السماوات والأرض ) فيكونوا هم الخالقين ، ليس الأمر كذلك (
بل لا يوقنون ) .
(
أم عندهم خزائن ربك ) قال
عكرمة : يعني النبوة . قال
مقاتل : أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاءوا ؟ قال
الكلبي : خزائن المطر والرزق (
أم هم المسيطرون ) المسلطون الجبارون ، قال
عطاء : أرباب قاهرون فلا يكونوا تحت أمر ونهي ، يفعلون ما شاءوا . ويجوز بالسين والصاد جميعا ، قرأ
ابن عامر بالسين هاهنا وقوله : " بمسيطر " ، وقرأ
حمزة بإشمام الزاي فيهما ، وقرأ
ابن كثير هاهنا بالسين و " بمصيطر " بالصاد ، وقرأ الآخرون بالصاد فيهما .