(
سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ( 26 )
إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر ( 27 )
ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر ( 28 )
فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر ( 29 )
فكيف كان عذابي ونذر ( 30 )
إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر ( 31 ) )
( سيعلمون ) قرأ
ابن عامر وحمزة : " ستعلمون " بالتاء على معنى قال
صالح لهم ، وقرأ
[ ص: 431 ] الآخرون بالياء ، يقول الله تعالى : (
سيعلمون غدا ) حين ينزل بهم العذاب . وقال
الكلبي : يعني يوم القيامة . وذكر " الغد " للتقريب على عادة الناس ، يقولون : إن مع اليوم غدا (
من الكذاب الأشر ) .
(
إنا مرسلو الناقة ) أي : باعثوها ومخرجوها من الهضبة التي سألوا ، وذلك أنهم
تعنتوا على صالح ، فسألوه أن يخرج لهم من صخرة ناقة حمراء عشراء ، فقال الله تعالى : (
إنا مرسلو الناقة فتنة لهم ) محنة واختبارا لهم ( فارتقبهم ) فانتظر ما هم صانعون ( واصطبر ) واصبر على ارتقابهم ، وقيل : على ما يصيبك من الأذى .
(
ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ) وبين الناقة يوم لها ويوم لهم ، وإنما قال بينهم لأن العرب إذا أخبرت عن بني
آدم وعن البهائم غلبت بني
آدم على البهائم ( كل شرب ) نصيب من الماء ( محتضر ) يحضره من كانت نوبته ، فإذا كان يومها حضرت شربها ، وإذا كان يومهم حضروا شربهم ، وحضر واحتضر بمعنى واحد ، قال
مجاهد : يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة ، فإذا جاءت الناقة حضروا اللبن .
(
فنادوا صاحبهم ) وهو
قدار بن سالف ( فتعاطى ) فتناول الناقة بسيفه ( فعقر ) أي : فعقرها .
(
فكيف كان عذابي ونذر ) ثم بين عذابهم فقال :
(
إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة ) قال
عطاء : يريد
صيحة جبريل عليه السلام (
فكانوا كهشيم المحتظر ) قال
ابن عباس : هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة من الشجرة والشوك دون السباع ، فما سقط من ذلك فداسته الغنم فهو الهشيم .
[ ص: 432 ]
وقال
ابن زيد : هو الشجر البالي الذي تهشم حتى ذرته الريح . والمعنى : أنهم صاروا كيبس الشجر إذا تحطم ، والعرب تسمي كل شيء كان رطبا فيبس : هشيما .
وقال
قتادة : كالعظام النخرة المحترقة . وقال
سعيد بن جبير : هو التراب الذي يتناثر من الحائط .