(
قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم ( 2 )
وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ( 3 ) )
(
قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) أي بين وأوجب أن تكفروها إذا حنثتم وهي ما ذكر في سورة المائدة (
والله مولاكم ) وليكم وناصركم ( وهو العليم الحكيم )
واختلف أهل العلم في لفظ التحريم ، فقال قوم : ليس هو بيمين ، فإن
قال لزوجته : أنت علي حرام ، أو حرمتك ، فإن نوى به طلاقا فهو طلاق ، وإن نوى به ظهارا فظهار . وإن نوى تحريم ذاتها أو أطلق فعليه كفارة اليمين بنفس اللفظ . وإن قال ذلك لجاريته فإن نوى عتقا عتقت ، وإن نوى تحريم ذاتها أو أطلق فعليه كفارة اليمين ، وإن قال لطعام : حرمته على نفسي فلا شيء عليه ، وهذا قول
ابن مسعود وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وذهب جماعة إلى أنه يمين ، فإن قال ذلك لزوجته أو جاريته فلا تجب عليه الكفارة ما لم يقربها كما لو حلف أن لا يطأها . وإن حرم طعاما فهو كما لو حلف أن لا يأكله ، فلا كفارة عليه ما لم يأكل ، يروى ذلك عن
أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وبه قال
الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رضي الله عنه :
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، حدثنا
معاذ بن فضالة ، حدثنا
هشام عن
يحيى ، عن
ابن حكيم ، وهو
يعلى بن حكيم ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال في الحرام : يكفر . وقال
ابن عباس : "
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " ( الأحزاب - 21 ) . ( وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا ) وهو تحريم فتاته على نفسه ، وقوله
nindex.php?page=showalam&ids=41لحفصة : لا تخبري بذلك أحدا .
[ ص: 164 ]
وقال
سعيد بن جبير عن
ابن عباس : أسر أمر الخلافة بعده فحدثت به
حفصة . قال
الكلبي : أسر إليها أن أباك وأبا
عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : أسر أن
أبا بكر خليفتي من بعدي .
(
فلما نبأت به ) أخبرت به حفصة عائشة (
وأظهره الله عليه ) أي أطلع الله تعالى نبيه على أنها أنبأت به (
عرف بعضه ) قرأ
عبد الرحمن السلمي nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " عرف " بتخفيف الراء ، أي : عرف بعض الفعل الذي فعلته من إفشاء سره ، أي : غضب من ذلك عليها وجازاها به ، من قول القائل لمن أساء إليه : لأعرفن لك ما فعلت ، أي : لأجازينك عليه ، وجازاها به عليه بأن طلقها فلما بلغ ذلك
عمر قال : لو كان في
آل الخطاب خير لما طلقك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فجاء
جبريل وأمره بمراجعتها واعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه شهرا وقعد في مشربة
أم إبراهيم مارية ، حتى نزلت آية التخيير .
وقال
مقاتل بن حيان : لم يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حفصة وإنما هم بطلاقها فأتاه
جبريل عليه السلام ، وقال : لا تطلقها فإنها صوامة قوامة وإنها من نسائك في الجنة ، فلم يطلقها .
وقرأ الآخرون " عرف " بالتشديد ، أي : عرف
حفصة بعد ذلك الحديث ، أي أخبرها ببعض القول الذي كان منها .
(
وأعرض عن بعض ) يعني لم يعرفها إياه ، ولم يخبرها به . قال
الحسن : ما استقصى كريم قط قال الله تعالى : (
عرف بعضه وأعرض عن بعض ) وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى الكراهية في وجه
حفصة أراد أن يتراضاها فأسر إليها شيئين : تحريم الأمة على نفسه ، وتبشيرها بأن الخلافة بعده في
أبي بكر وفي أبيها
عمر رضي الله عنها فأخبرت به
حفصة عائشة وأطلع الله تعالى نبيه عليه ، عرف [ بعضه ]
حفصة وأخبرها ببعض ما أخبرت به
عائشة وهو تحريم الأمة وأعرض عن بعض ، يعني ذكر الخلافة كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينتشر ذلك في الناس (
فلما نبأها به ) أي
[ ص: 165 ] أخبر
حفصة بما أظهره الله عليه ( قالت )
حفصة (
من أنبأك هذا ) أي : من أخبرك بأني أفشيت السر ؟ (
قال نبأني العليم الخبير ) .