[ ص: 232 ] (
لتسلكوا منها سبلا فجاجا ( 20 )
قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ( 21 )
ومكروا مكرا كبارا ( 22 )
وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ( 23 ) )
(
لتسلكوا منها سبلا فجاجا ) طرقا واسعة . (
قال نوح رب إنهم عصوني ) لم يجيبوا دعوتي (
واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ) يعني : اتبع السفلة والفقراء القادة والرؤساء الذين لم يزدهم كثرة المال والولد إلا ضلالا في الدنيا وعقوبة في الآخرة . (
ومكروا مكرا كبارا ) أي كبيرا عظيما يقال : كبير وكبار بالتخفيف كبار بالتشديد ، كلها بمعنى واحد ، كما يقال : أمر عجيب وعجاب وعجاب بالتشديد وهو أشد في المبالغة .
واختلفوا في معنى مكرهم . قال
ابن عباس : قالوا قولا عظيما . وقال
الضحاك : افتروا على الله وكذبوا رسله وقيل : منع الرؤساء أتباعهم عن الإيمان
بنوح [ وحرضوهم ] على قتله . ( وقالوا ) لهم (
لا تذرن آلهتكم ) أي لا تتركوا عبادتها (
ولا تذرن ودا ) قرأ أهل
المدينة بضم الواو والباقون بفتحها (
ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ) هذه أسماء آلهتهم .
قال
محمد بن كعب : هذه أسماء قوم صالحين كانوا بين
آدم ونوح فلما ماتوا كان لهم أتباع يقتدون بهم ويأخذون بعدهم بأخذهم في العبادة فجاءهم إبليس وقال لهم : لو صورتم صورهم كان أنشط لكم وأشوق إلى العبادة ، ففعلوا ثم نشأ قوم بعدهم فقال لهم إبليس : إن الذين من قبلكم كانوا يعبدونهم فعبدوهم ، فابتداء عبادة الأوثان كان من ذلك .
وسميت تلك الصور بهذه الأسماء لأنهم صوروها على صور أولئك القوم من المسلمين .
أخبرنا
عبد الواحد المليحي ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، حدثنا
إبراهيم بن موسى ، حدثنا
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وقال
عطاء عن
ابن عباس : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح [ تعبد ] في العرب [ بعده ] أما ود فكانت
[ ص: 233 ] لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبإ وأما يعوق فكانت لهمدان ، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع ذكره في تفسيره .
وروى
سفيان عن
موسى عن
محمد بن قيس قوله تعالى : "
ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا " قال : كانت أسماء رجال صالحين من قوم
نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا فى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت .
وروي عن
ابن عباس : أن تلك الأوثان دفنها الطوفان وطمها التراب ، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب ، وكانت للعرب أصنام أخر فاللات كانت
لثقيف ، والعزى
لسليم وغطفان وجشم ومناة
لقديد ، وإساف ونائلة وهبل
لأهل مكة .