(
ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون ( 50 )
إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ( 51 )
فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ( 52 ) )
( ومصدقا ) عطف على قوله ورسولا (
لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ) من اللحوم والشحوم ، وقال
أبو عبيدة : أراد بالبعض الكل يعني : كل الذي حرم عليكم ، وقد يذكر البعض ويراد به الكل كقول
لبيد :
تراك أمكنة إذا لم أرضها أو ترتبط بعض النفوس حمامها
يعني : كل النفوس .
قوله تعالى : (
وجئتكم بآية من ربكم ) يعني ما ذكر من الآيات وإنما وحدها لأنها كلها جنس واحد في الدلالة على رسالته ( فاتقوا الله وأطيعون )
قوله تعالى : (
فلما أحس عيسى منهم الكفر ) أي وجد ، قاله
الفراء ، وقال
أبو عبيدة : عرف ، وقال
مقاتل : رأى (
منهم الكفر ) وأرادوا قتله استنصر عليهم و (
قال من أنصاري إلى الله ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان سبب ذلك أن
عيسى عليه السلام لما بعثه الله عز وجل إلى
بني إسرائيل وأمره بالدعوة نفته
بنو إسرائيل وأخرجوه ، فخرج هو وأمه يسيحان في الأرض ، فنزل في قرية على رجل فأضافهما وأحسن إليهما ،
[ ص: 42 ] وكان لتلك المدينة جبار متعد فجاء ذلك الرجل يوما مهتما حزينا فدخل منزله
ومريم عند امرأته فقالت لها
مريم : ما شأن زوجك أراه كئيبا ، قالت : لا تسأليني ، قالت : أخبريني لعل الله يفرج كربته ، قالت : إن لنا ملكا يجعل على كل رجل منا يوما أن يطعمه وجنوده ويسقيهم الخمر فإن لم يفعل عاقبه ، واليوم نوبتنا وليس لذلك عندنا سعة ، قالت : فقولي له لا يهتم فإني آمر ابني فيدعو له فيكفى ذلك ، فقالت
مريم لعيسى عليه السلام في ذلك ، فقال
عيسى : إن فعلت ذلك وقع شر ، قالت : فلا تبال فإنه قد أحسن إلينا وأكرمنا ، قال
عيسى عليه السلام فقولي له إذا اقترب ذلك فاملأ قدورك وخوابيك ماء ثم أعلمني ففعل ذلك ، فدعا الله تعالى
عيسى عليه السلام ، فتحول ماء القدور مرقا ولحما وماء الخوابي خمرا لم ير الناس مثله قط فلما جاء الملك أكل فلما شرب الخمر قال : من أين هذا الخمر قال : من أرض كذا ، قال [ الملك ] فإن خمري من تلك الأرض وليست مثل هذه قال : هي من أرض أخرى ، فلما خلط على الملك واشتد عليه قال : فأنا أخبرك عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ، وإنه دعا الله فجعل الماء خمرا وكان للملك ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيام ، وكان أحب الخلق إليه ، فقال : إن رجلا دعا الله حتى جعل الماء خمرا [ ليستجاب له ] حتى يحيي ابني ، فدعا
عيسى فكلمه في ذلك فقال
عيسى : لا تفعل فإنه إن عاش وقع شر ، فقال الملك : لا أبالي أليس أراه قال
عيسى : إن أحييته تتركوني وأمي نذهب حيث نشاء ، قال : نعم فدعا الله فعاش الغلام فلما رآه أهل مملكته قد عاش تبادروا بالسلاح ، وقالوا : أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف علينا ابنه فيأكلنا كما أكل أبوه فاقتتلوا فذهب
عيسى وأمه فمر
بالحواريين وهم يصطادون السمك ، فقال : ما تصنعون؟ فقالوا : نصطاد السمك قال : أفلا تمشون حتى نصطاد الناس ، قالوا : ومن أنت قال : أنا
عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله من أنصاري إلى الله؟ فآمنوا به وانطلقوا معه .
قوله تعالى : ( من أنصاري إلى الله ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : مع الله تعالى تقول العرب : الذود إلى الذود إبل أي مع الذود وكما قال الله تعالى : "
ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم " ( 2 - النساء ) أي مع أموالكم وقال
الحسن وأبو عبيدة : إلى بمعنى في أي من أعواني في الله أي في ذات الله وسبيله ، وقيل إلى في موضعه معناه من يضم نصرته إلى نصرة الله لي واختلفوا في
الحواريين قال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : كانوا صيادين يصطادون السمك سموا حواريين لبياض ثيابهم ، وقيل : كانوا ملاحين وقال
الحسن : كانوا قصارين سموا بذلك لأنهم كانوا يحورون الثياب أي يبيضونها وقال
عطاء : سلمت
مريم عيسى عليه السلام إلى أعمال شتى فكان آخر ما دفعته إلى
الحواريين ، وكانوا قصارين وصباغين فدفعته إلى رئيسهم ليتعلم منه فاجتمع عنده ثياب وعرض له سفر ، فقال
لعيسى : إنك قد تعلمت هذه الحرفة وأنا خارج في سفر لا
[ ص: 43 ] أرجع إلى عشرة أيام وهذه ثياب الناس مختلفة الألوان ، وقد أعلمت على كل واحد منها بخيط على اللون الذي يصبغ به فيجب أن تكون فارغا منها وقت قدومي ، وخرج فطبخ
عيسى جبا واحدا على لون واحد وأدخل جميع الثياب وقال : كوني بإذن الله على ما أريد منك ، فقدم الحواري والثياب كلها في الجب ، فقال : ما فعلت؟ فقال : فرغت منها ، قال : أين هي؟ قال : في الجب ، قال : كلها ، قال : نعم قال : لقد أفسدت تلك الثياب فقال : قم فانظر ، فأخرج
عيسى ثوبا أحمر ، وثوبا أصفر ، وثوبا أخضر ، إلى أن أخرجها على الألوان التي أرادها ، فجعل الحواري يتعجب فعلم أن ذلك من الله ، فقال للناس : تعالوا فانظروا فآمن به هو وأصحابه فهم
الحواريون ، وقال
الضحاك : سموا حواريين لصفاء [ قلوبهم ] وقال
ابن المبارك : سموا به لما عليهم من أثر العبادة ونورها ، وأصل الحور عند العرب شدة البياض ، يقال : رجل أحور وامرأة حوراء أي شديدة بياض العين ، وقال
الكلبي وعكرمة : الحواريون هم الأصفياء وهم كانوا أصفياء
عيسى عليه السلام ، وكانوا اثني عشر رجلا قال
روح بن القاسم : سألت
قتادة عن
الحواريين قال : هم الذين يصلح لهم الخلافة ، وعنه أنه قال :
الحواريون هم الوزراء ، وقال
الحسن :
الحواريون الأنصار ، والحواري الناصر ، والحواري في كلام العرب خاصة الرجل الذي يستعين به فيما ينوبه .
أخبرنا
عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا
أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا
محمد بن يوسف ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، أخبرنا
سفيان ، أخبرنا
محمد بن المنكدر ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول : ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم الخندق فانتدب
الزبير ثم ندبهم فانتدب
الزبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=3502400 " إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير " .
قال
سفيان الحواري الناصر ، قال
معمر : قال
قتادة : إن
الحواريين كلهم من
قريش أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وحمزة وجعفر nindex.php?page=showalam&ids=5وأبو عبيدة بن الجراح nindex.php?page=showalam&ids=5559وعثمان بن مظعون nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة بن عبيد الله nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام رضي الله عنهم أجمعين
(
قال الحواريون نحن أنصار الله ) أعوان دين الله ورسوله (
آمنا بالله واشهد ) يا
عيسى ( بأنا مسلمون ) .