(
وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر ( 31 )
كلا والقمر ( 32 )
والليل إذ أدبر ( 33 )
والصبح إذا أسفر ( 34 ) )
(
وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ) لا رجالا آدميين ، فمن ذا يغلب الملائكة ؟ (
وما جعلنا عدتهم ) أي عددهم في القلة (
إلا فتنة للذين كفروا ) أي ضلالة لهم حتى قالوا ما قالوا (
ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ) لأنه مكتوب في التوراة والإنجيل أنهم تسعة عشر ، (
ويزداد الذين آمنوا إيمانا ) يعني من آمن من أهل الكتاب يزدادون تصديقا
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - إذا وجدوا ما قاله موافقا لما في كتبهم (
ولا يرتاب ) ولا يشك (
الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون ) في عددهم (
وليقول الذين في قلوبهم مرض ) شك ونفاق ( والكافرون ) [ مشركو
مكة ] (
ماذا أراد الله بهذا مثلا ) أي شيء أراد بهذا الحديث ؟ وأراد بالمثل الحديث نفسه . ( كذلك ) أي كما أضل الله من أنكر
عدد الخزنة وهدى من صدق كذلك (
يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو ) قال مقاتل : هذا جواب أبي جهل حين قال : أما
لمحمد أعوان إلا تسعة عشر ؟ قال
عطاء : (
وما يعلم جنود ربك إلا هو ) يعني من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار ، لا يعلم عدتهم إلا الله ، والمعنى إن تسعة عشر هم خزنة النار ، ولهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلم إلا الله - عز وجل - ، ثم رجع إلى ذكر سقر فقال : ( وما هي ) يعني [ سقر ] (
إلا ذكرى للبشر ) إلا تذكرة وموعظة للناس . (
كلا والقمر ) هذا قسم ، يقول : حقا . (
والقمر والليل إذ أدبر ) قرأ
نافع وحمزة وحفص ويعقوب " إذ " بغير ألف ، " أدبر " بالألف ، وقرأ الآخرون " إذا " بالألف " دبر " بلا ألف ، لأنه أشد موافقة لما يليه ، وهو قوله :
[ ص: 272 ] (
والصبح إذا أسفر ) ولأنه ليس في القرآن قسم بجانبه إذ وإنما بجانب الإقسام إذا [ ودبر وأدبر ] كلاهما لغة ، يقال : دبر الليل وأدبر إذا ولى ذاهبا . قال
أبو عمرو : دبر لغة
قريش ، وقال
قطرب : دبر أي أقبل ، تقول العرب : دبرني فلان أي جاء خلفي ، فالليل يأتي خلف النهار .
(
والصبح إذا أسفر ) أضاء وتبين .