(
إنها لإحدى الكبر ( 35 )
نذيرا للبشر ( 36 )
لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ( 37 )
كل نفس بما كسبت رهينة ( 38 )
إلا أصحاب اليمين ( 39 ) )
(
إنها لإحدى الكبر ) يعني أن سقر لإحدى الأمور العظام ، وواحد الكبر : كبرى ، قال مقاتل والكلبي : أراد بالكبر :
دركات جهنم ، وهي سبعة : جهنم ، ولظى ، والحطمة ، والسعير ، وسقر ، والجحيم ، والهاوية . (
نذيرا للبشر ) يعني النار نذيرا للبشر ، قال
الحسن : والله ما أنذر الله بشيء أدهى منها ، وهو نصب على القطع من قوله : "
لإحدى الكبر " لأنها معرفة ، و " نذيرا " نكرة ، قال
الخليل : النذير مصدر كالنكير ، ولذلك وصف به المؤنث ، وقيل : هو من صفة الله سبحانه وتعالى ، مجازه : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة نذيرا للبشر أي إنذارا لهم . قال
أبو رزين يقول أنا لكم منها نذير ، فاتقوها . وقيل : هو صفة
محمد - صلى الله عليه وسلم - معناه : يا أيها المدثر قم نذيرا للبشر ، [ فأنذر ] وهذا معنى قول
ابن زيد . ( لمن شاء ) بدل من قوله " للبشر " ( منكم أن يتقدم ) في الخير والطاعة ( أو يتأخر ) عنها في الشر والمعصية ، والمعنى : أن الإنذار قد حصل لكل واحد ممن آمن أو كفر . (
كل نفس بما كسبت رهينة ) مرتهنة في النار بكسبها مأخوذة بعملها . (
إلا أصحاب اليمين ) فإنهم لا يرتهنون بذنوبهم في النار ولكن يغفرها الله لهم . قال
قتادة : علق الناس كلهم إلا أصحاب اليمين . واختلفوا فيهم : روي عن
علي - رضي الله عنه - أنهم
أطفال المسلمين .
وروى
أبو ظبيان عن
ابن عباس : هم الملائكة .
[ ص: 273 ]
وقال
مقاتل : هم أصحاب الجنة الذين كانوا على يمين
آدم يوم الميثاق ، حين قال الله لهم : هؤلاء في الجنة ولا أبالي . وعنه أيضا : هم الذين أعطوا كتبهم بأيمانهم ، وعنه أيضا : هم الذين كانوا ميامين على أنفسهم .
وقال
الحسن : هم المسلمون المخلصون . وقال [
القاسم ] كل نفس مأخوذة بكسبها من خير أو شر إلا من اعتمد على الفضل ، وكل من اعتمد على الكسب فهو رهين به ، ومن اعتمد على الفضل فهو غير مأخوذ به .