(
ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا ( 39 )
إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ( 40 ) )
(
ذلك اليوم الحق ) الكائن الواقع يعني يوم القيامة (
فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا ) مرجعا وسبيلا بطاعته ، أي : فمن شاء رجع إلى الله بطاعته . (
إنا أنذرناكم عذابا قريبا ) يعني العذاب في الآخرة ، وكل ما هو آت قريب . (
يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ) أي كل امرئ يرى في ذلك اليوم ما قدم من العمل مثبتا في صحيفته ، (
ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا )
قال
عبد الله بن عمرو : إذا كان
يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم ، وحشرت الدواب والبهائم والوحوش ، ثم يجعل القصاص بين البهائم حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء تنطحها ، فإذا فرغ من القصاص قيل لها : كوني ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر :
يا ليتني كنت ترابا ومثله عن
مجاهد .
وقال
مقاتل : يجمع الله الوحوش والهوام والطير فيقضي بينهم حتى يقتص للجماء من القرناء ، ثم يقول لهم : أنا خلقتكم وسخرتكم لبني آدم وكنتم مطيعين إياهم أيام حياتكم ، فارجعوا إلى الذي
[ ص: 319 ] كنتم ، كونوا ترابا ، فإذا التفت الكافر إلى شيء صار ترابا ، يتمنى فيقول : يا ليتني كنت في الدنيا في صورة خنزير ، وكنت اليوم ترابا .
وعن [
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عبد الله بن ذكوان ] قال : إذا قضى الله بين الناس وأمر أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، وقيل لسائر الأمم ولمؤمني الجن عودوا ترابا فيعودون ترابا ، فحينئذ يقول الكافر :
يا ليتني كنت ترابا وبه قال
ليث بن [ أبي ] سليم ، مؤمنو الجن يعودون ترابا
وقيل : إن الكافر هاهنا إبليس وذلك أنه عاب
آدم وأنه خلق من التراب وافتخر بأنه خلق من النار ، فإذا عاين يوم القيامة ما فيه
آدم وبنوه المؤمنون من الثواب والرحمة ، وما هو فيه من الشدة والعذاب ، قال :
يا ليتني كنت ترابا قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة فيقول : التراب لا ولا كرامة لك ، من جعلك مثلي ؟