[ ص: 329 ] (
فكذب وعصى ( 21 )
ثم أدبر يسعى ( 22 )
فحشر فنادى ( 23 )
فقال أنا ربكم الأعلى ( 24 )
فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ( 25 )
إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ( 26 )
أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها ( 27 )
رفع سمكها فسواها ( 28 )
وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ( 29 )
والأرض بعد ذلك دحاها ( 30 ) )
( فكذب ) بأنهما من الله ( وعصى ) ( ثم أدبر ) تولى وأعرض عن الإيمان ( يسعى ) يعمل بالفساد في الأرض . ( فحشر ) فجمع قومه وجنوده ( فنادى ) لما اجتمعوا . (
فقال أنا ربكم الأعلى ) فلا رب فوقي . وقيل : أراد أن الأصنام أرباب وأنا ربكم وربها . (
فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) قال
الحسن وقتادة : عاقبه الله فجعله نكال الآخرة والأولى ، أي في الدنيا بالغرق وفي الآخرة بالنار .
وقال
مجاهد وجماعة من المفسرين : أراد بالآخرة والأولى كلمتي فرعون قوله : "
ما علمت لكم من إله غيري " ( القصص - 38 ) وقوله : "
أنا ربكم الأعلى " وكان بينهما أربعون سنة . (
إن في ذلك ) الذي فعل بفرعون حين كذب وعصى ( لعبرة ) لعظة (
لمن يخشى ) الله - عز وجل - . ثم خاطب منكري البعث فقال (
أأنتم أشد خلقا أم السماء ) يعني أخلقكم بعد الموت أشد عندكم وفي تقديركم أم السماء ؟ وهما في قدرة الله واحد ، كقوله "
لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس " ( غافر - 57 ) ثم وصف
خلق السماء فقال : ( بناها ) (
رفع سمكها ) سقفها ( فسواها ) بلا شطور [ ولا شقوق ] ولا فطور . ( وأغطش ) أظلم ( ليلها ) والغطش والغبش الظلمة (
وأخرج ضحاها ) أبرز وأظهر نهارها ونورها ، وأضافهما إلى السماء لأن الظلمة والنور كلاهما ينزل من السماء . (
والأرض بعد ذلك ) بعد خلق السماء ( دحاها ) بسطها ، والدحو البسط . قال
ابن عباس : خلق الله الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء ، ثم استوى إلى السماء فسواهن
[ ص: 330 ] سبع سماوات ، ثم دحا الأرض بعد ذلك .
وقيل : معناه : والأرض مع ذلك دحاها ، كقوله - عز وجل - : "
عتل بعد ذلك زنيم " ( القلم - 13 ) أي مع ذلك .