[ ص: 409 ] (
لا يسمن ولا يغني من جوع ( 7 )
وجوه يومئذ ناعمة ( 8 )
لسعيها راضية ( 9 )
في جنة عالية ( 10 )
لا تسمع فيها لاغية ( 11 )
فيها عين جارية ( 12 )
فيها سرر مرفوعة ( 13 )
وأكواب موضوعة ( 14 )
ونمارق مصفوفة ( 15 )
وزرابي مبثوثة ( 16 )
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ( 17 ) )
قال المفسرون : فلما نزلت هذه الآية قال المشركون : إن إبلنا لتسمن على الضريع ، وكذبوا في ذلك ، فإن الإبل إنما ترعاه ما دام رطبا ، وتسمى " شبرقا " فإذا يبس لا يأكله شيء . فأنزل الله : (
لا يسمن ولا يغني من جوع )
ثم وصف أهل الجنة فقال : (
وجوه يومئذ ناعمة ) قال
مقاتل : في نعمة وكرامة .
( لسعيها ) في الدنيا ( راضية ) في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها . (
في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية ) لغو وباطل ، قرأ
أهل مكة والبصرة : " لا يسمع " بالياء وضمها ، " لاغية " رفع . وقرأ نافع " لا تسمع " بالتاء وضمها ، " لاغية " رفع ، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها " لاغية " [ بالنصب ] على الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - . (
فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة ) قال
ابن عباس : ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت ، مرتفعة ما لم يجيء أهلها ، فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها ، ثم ترتفع إلى مواضعها .
(
وأكواب موضوعة ) عندهم ، جمع كوب ، وهو الإبريق الذي لا عروة له .
( ونمارق ) وسائد ومرافق ( مصفوفة ) بعضها بجنب بعض ، واحدتها " نمرقة " بضم النون .
( وزرابي ) يعني البسط العريضة . قال
ابن عباس : هي الطنافس التي لها خمل واحدتها زربية ، ( مبثوثة ) مبسوطة ، وقيل متفرقة في المجالس .
(
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) قال أهل التفسير : لما نعت الله تعالى في هذه السورة ما في الجنة عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه ، فذكرهم الله تعالى صنعه فقال : (
أفلا ينظرون إلى الإبل ) [ من بين سائر الحيوانات ] (
كيف خلقت ) وكانت الإبل من عيش العرب
[ ص: 410 ] لهم فيها منافع كثيرة ، فلما صنع لهم ذلك في الدنيا صنع لأهل الجنة فيها ما صنع .
وتكلمت الحكماء في وجه تخصيص الإبل من بين سائر الحيوانات; فقال
مقاتل : لأنهم لم يروا بهيمة قط أعظم منها ، ولم [ يشاهد ] الفيل إلا الشاذ منهم .
وقال
الكلبي : لأنها تنهض بحملها وهي باركة .
وقال
قتادة : ذكر الله تعالى ارتفاع سرر الجنة وفرشها ، فقالوا : كيف نصعدها فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وسئل
الحسن عن هذه الآية ، وقيل له : الفيل أعظم في الأعجوبة ، فقال : أما الفيل فالعرب بعيدة العهد بها . ثم هو [ لا خير فيه ] لا يركب ظهرها ولا يؤكل لحمها ولا يحلب درها ، والإبل أعز مال للعرب وأنفسها تأكل النوى والقت وتخرج اللبن .
وقيل : [ إنها ] مع عظمها تلين للحمل الثقيل وتنقاد للقائد الضعيف ، حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء ، وكان
شريح القاضي يقول : اخرجوا بنا إلى [ كناسة اصطبل ] حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت .