[ ص: 423 ] (
يقول يا ليتني قدمت لحياتي ( 24 )
فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ( 25 )
ولا يوثق وثاقه أحد ( 26 )
يا أيتها النفس المطمئنة ( 27 )
ارجعي إلى ربك راضية مرضية ( 28 ) )
(
يقول يا ليتني قدمت لحياتي ) أي قدمت الخير والعمل الصالح لحياتي في الآخرة ، أي لآخرتي التي لا موت فيها .
(
( فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد ) قرأ
الكسائي ويعقوب " لا يعذب " " ولا يوثق " بفتح الذال والثاء على معنى لا يعذب أحد [ في الدنيا ] كعذاب الله يومئذ ، ولا يوثق كوثاقه [ أحد ] يومئذ .
وقيل : هو رجل بعينه ، وهو أمية بن خلف ، يعني لا يعذب كعذاب هذا الكافر أحد ، ولا يوثق كوثاقه أحد .
وقرأ الآخرون بكسر الذال والثاء ، أي : لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله الكافر يومئذ ، ولا يوثق كوثاقه أحد ، يعني لا يبلغ أحد من الخلق كبلاغ الله في العذاب ، والوثاق : هو الإسار في السلاسل والأغلال .
قوله - عز وجل - : (
يا أيتها النفس المطمئنة ) إلى ما وعد الله - عز وجل - المصدقة بما قال الله . وقال
مجاهد : " المطمئنة " التي أيقنت أن الله تعالى ربها وصبرت جأشا لأمره وطاعته .
وقال
الحسن : المؤمنة الموقنة ، وقال
عطية : الراضية بقضاء الله تعالى . وقال
الكلبي : الآمنة من عذاب الله .
وقيل : المطمئنة بذكر الله ، بيانه : " قوله " وتطمئن قلوبهم بذكر الله " .
واختلفوا في وقت هذه المقالة ، فقال قوم : يقال لها ذلك عند الموت فيقال لها : (
ارجعي إلى ربك ) إلى الله ( راضية ) بالثواب ( مرضية ) عنك .
وقال
الحسن : إذا أراد الله قبضها اطمأنت إلى الله ورضيت عن الله ورضي الله عنها .
[ ص: 424 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد اللهبن عمرو : إذا توفي العبد المؤمن أرسل الله - عز وجل - ملكين إليه وأرسل إليه بتحفة من الجنة ، فيقال لها : اخرجي يا أيتها النفس المطمئنة ، اخرجي إلى روح وريحان وربك عنك راض ، فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد في أنفه ، والملائكة على أرجاء السماء يقولون : قد جاء من الأرض روح طيبة ونسمة طيبة . فلا تمر بباب إلا فتح لها ولا بملك إلا صلى عليها ، حتى يؤتى بها الرحمن فتسجد ، ثم يقال
لميكائيل : اذهب بهذه فاجعلها مع أنفس المؤمنين ، ثم يؤمر فيوسع عليه قبره ، سبعون ذراعا عرضه ، وسبعون ذراعا طوله ، وينبذ له فيه الريحان فإن كان معه شيء من القرآن كفاه نوره .
وإن لم يكن جعل له نوره مثل الشمس في قبره ، ويكون مثله مثل العروس ، ينام فلا يوقظه إلا أحب أهله إليه . وإذا توفي الكافر أرسل الله إليه ملكين وأرسل قطعة من بجاد أنتن من كل نتن وأخشن من كل خشن ، فيقال : يا أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى جهنم وعذاب أليم وربك عليك غضبان .
وقال
أبو صالح في قوله : "
ارجعي إلى ربك راضية مرضية " قال : هذا عند خروجها من الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قيل :
فادخلي في عبادي وادخلي جنتي .
وقال آخرون : إنما يقال لها ذلك عند البعث يقال : ارجعي [ إلى ربك ] أي إلى صاحبك وجسدك ، فيأمر الله الأرواح أن ترجع إلى الأجساد ، وهذا قول
عكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
والضحاك ، ورواية
العوفي عن
ابن عباس .
وقال
الحسن : معناه : ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته ، راضية عن الله بما أعد لك ، مرضية ، رضي عنك ربك .