[ ص: 431 ] (
أيحسب أن لم يره أحد ( 7 )
ألم نجعل له عينين ( 8 )
ولسانا وشفتين ( 9 )
وهديناه النجدين ( 10 )
فلا اقتحم العقبة ( 11 ) )
(
أيحسب أن لم يره أحد ) قال
سعيد بن جبير [
وقتادة : أيظن ] أن الله لم يره ، ولا يسأله عن ماله من أين اكتسبه ، وأين أنفقه ؟
وقال
الكلبي : إنه كان كاذبا في قوله أنفقت كذا وكذا ، ولم يكن أنفق جميع ما قال ، يقول أيظن أن الله - عز وجل - لم ير ذلك منه فيعلم مقدار نفقته ، ثم ذكره نعمه ليعتبر ، فقال : (
ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين ) قال
قتادة : نعم الله متظاهرة يقررك بها كيما تشكر ، وجاء في الحديث :
أن الله - عز وجل - يقول : ابن آدم إن نازعك لسانك فيما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق ، وإن نازعك بصرك إلى بعض ما حرمت عليك ، فقد أعنتك عليه بطبقتين ، فأطبق ، وإن نازعك فرجك إلى ما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق . (
( وهديناه النجدين ) قال أكثر المفسرين : طريق الخير والشر ، والحق والباطل ، والهدى والضلالة ، كقوله : "
إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " وقال
محمد بن كعب عن
ابن عباس : "
وهديناه النجدين " قال : الثديين ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب والضحاك ، والنجد : طريق في ارتفاع . (
فلا اقتحم العقبة ) يقول : فهلا أنفق ماله فيما يجوز به من فك الرقاب وإطعام السغبان ، فيكون خيرا له من إنفاقه على عداوة
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، هذا قول
ابن زيد وجماعة .
وقيل : "
فلا اقتحم العقبة " أي لم يقتحمها ولا جاوزها . والاقتحام : الدخول في الأمر الشديد ، وذكر العقبة هاهنا مثل ضربه الله
لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البر ، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة ، يقول : لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة ولا طعام ، وهذا معنى قول
قتادة .
وقيل : إنه شبه ثقل الذنوب على مرتكبها بعقبة ، فإذا أعتق رقبة وأطعم كان كمن اقتحم العقبة وجاوزها .
وروي عن
ابن عمر : أن هذه العقبة جبل في جهنم .
[ ص: 432 ] وقال
الحسن وقتادة : عقبة شديدة في النار دون الجسر ، فاقتحموها بطاعة الله تعالى .
وقال
مجاهد ،
والضحاك ،
والكلبي : هي صراط يضرب على جهنم كحد السيف ، مسيرة ثلاثة آلاف سنة سهلا وصعودا وهبوطا ، وإن بجنبتيه كلاليب وخطاطيف كأنها شوك السعدان ، فناج مسلم ، وناج مخدوش ، ومكردس في النار منكوس ، فمن الناس من يمر كالبرق الخاطف ، ومنهم من يمر كالريح العاصف ، ومنهم من يمر كالفارس ، ومنهم من يمر عليه كالرجل يعدو ، ومنهم من يمر كالرجل يسير ، ومنهم من يزحف زحفا ، ومنهم الزالون ، ومنهم من يكردس في النار .
قال
ابن زيد : يقول فهلا سلك الطريق التي فيها النجاة .