(
بأن ربك أوحى لها ( 5 )
يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ( 6 )
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( 7 )
ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ( 8 ) )
(
بأن ربك أوحى لها ) أي : أمرها بالكلام وأذن لها بأن تخبر بما عمل عليها . قال
ابن عباس والقرظي : أوحى إليها .
ومجاز الآية : يوحي الله إليها ، يقال : أوحى لها ، وأوحى إليها ووحى لها ، ووحى إليها ، واحد . قوله تعالى : (
يومئذ يصدر الناس ) يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض ، ( أشتاتا ) متفرقين فآخذ ذات اليمين إلى الجنة وآخذ ذات الشمال إلى النار ، كقوله :
يومئذ يتفرقون ( الروم - 14 ) ،
يومئذ يصدعون ( الروم - 43 ) . (
ليروا أعمالهم ) قال
ابن عباس : ليروا جزاء أعمالهم ، والمعنى : أنهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة والنار . (
فمن يعمل مثقال ذرة ) وزن نملة صغيرة أصغر ما يكون من النمل . (
خيرا يره ) (
ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) قال
ابن عباس :
ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا أو شرا في الدنيا إلا أراه الله إياه يوم القيامة ، فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته فيغفر الله سيئاته
[ ص: 503 ] ويثيبه بحسناته ، وأما الكافر فترد حسناته ويعذبه بسيئاته .
قال
محمد بن كعب في هذه الآية "
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " : من كافر يرى ثوابه في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير ، " ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده ، حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر .
قال
مقاتل : نزلت هذه الآية في رجلين ، وذلك أنه لما نزل
ويطعمون الطعام على حبه كان أحدهما يأتيه السائل فيستقل أن يعطيه التمرة والكسرة والجوزة ونحوها ، يقول : ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه ، وكان الآخر
يتهاون بالذنب اليسير كالكذبة والغيبة والنظرة وأشباه ذلك ، ويقول : إنما وعد الله النار على الكبائر ، وليس في هذا إثم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية يرغبهم في القليل من الخير أن يعطوه ، فإنه يوشك أن يكثر ، ويحذرهم اليسير من الذنب ، فإنه يوشك أن يكثر ، فالإثم الصغير في عين صاحبه أعظم من الجبال يوم القيامة ، وجميع محاسنه [ في عينه ] أقل من كل شيء .
قال
ابن مسعود : أحكم آية في القرآن " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " .
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسميها الجامعة الفاذة حين سئل عن زكاة الحمر فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815955 " ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " .
وتصدق
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة بحبة عنب ، وقالا فيها مثاقيل كثيرة .
وقال
الربيع بن خثيم : مر رجل
بالحسن وهو يقرأ هذه السورة فلما بلغ آخرها قال : حسبي قد انتهت الموعظة .
[ ص: 504 ]
أخبرنا
أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13968أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا
محمد بن القاسم ، حدثنا
أبو بكر محمد بن عبد الله ، حدثنا
الحسن بن سفيان ، حدثنا
علي بن حجر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، حدثنا
اليمان بن المغيرة ، حدثنا
عطاء عن
ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815956 " إذا زلزلت الأرض " تعدل نصف القرآن ، " قل هو الله أحد " ، تعدل ثلث القرآن ، " قل يا أيها الكافرون " تعدل ربع القرآن " .